الشله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا وسهلا بكم في منتداكم

الشله يرحب بكم ويتنما ان ينال أعجابكم
الشله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اهلا وسهلا بكم في منتداكم

الشله يرحب بكم ويتنما ان ينال أعجابكم
الشله
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


شبابي وجميل وبه الكثير من المتعه والفائده
 
الرئيسيةالرئيسية  البوابةالبوابة  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  
اهلا وسهلا بكم في منتدى الشله الشله تتمنا لكم اسعد الاوقات
اخي العضو والزائر ابدا بذكر الله و اتقي الله في نفسك واخوتك مع تحيات تيتو

 

 سالفة بنات الرياض6

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
sasa m.s
مشرف
sasa m.s


الجنس : ذكر عدد المساهمات : 1007
تاريخ التسجيل : 16/03/2010
العمر : 32
العمل/الترفيه : بدور على راحة وحب الناس ليه
المزاج : في السحااااب طاير بلا اجنحة

بطاقة الشخصية
العمر: 18
الاسم الحقيقي: معوض sasa

سالفة بنات الرياض6 Empty
مُساهمةموضوع: سالفة بنات الرياض6   سالفة بنات الرياض6 Icon_minitime1الجمعة مايو 07, 2010 10:04 am

(33)
أبو مساعد والشرط حدثنا قتيبة بن سعيد : حدثنا سفيان عن زياد بن سعد ، عن عبد الله بن الفضل ، سمع نافع بن جبير يخبر عن ابن عباس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الثيب أحق بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر ( أي تستأذن) ، وإذنها سكوتها . صحيح مسلم :3477 عرض علي أحد القراء أن أجمع رسائلي بعد الرسالة الأخيرة وأصنع منها فصولاً لرواية مطبوعة حتى يتمكن من قراءتها الجميع . يا سلام ! أتصبح لي رواية من تأليفي ؟ تعرض في المكتبات وتدفن في غرف النوم؟ يوصي بعضكم بعضاً بجلب نسخ منها من لبنان ؟ على افتراض مسبق بأنها ستكون رواية ممنوعة ! وهل سأرى صورتي الفاتنة تزين غلافها الخلفي كما تزيّن (أو تشين)! صورة الكتاب رواياتهم ؟ أعجبني الاقتراح لكنه أدهشني وأخافني في نفس الوقت ، فأما الدهشة فهي لأنني كنت أعتقد أنه لم يتبق أحد – في السعودية على الأقل – لم تصله إيميلاتي ، بحكم حرصي على أن أبعث بها منذ البداية إلى جميع مستخدمي الإنترنت في المملكة ، عن طريق الإيميلات الرسمية على عناوين شركات الإنترنت ، وإلى جميع مستخدي الياهو والهوتميل وغيرها من كبريات الشركات العالمية التي توفر خدمات البريد الإلكتروني ، بعثت بها لكل الذين أدرجوا أسم السعودية ضمن بياناتهم الشخصية ، ومع هذا فقد فوجئت بمن يقول أنه لم يقرأ الإيميلات إلا ابتداء من الإيميل العاشر الذي وصله عبر ال(فوروورد) من أصدقائه! أما الخوف فهو من حكاية النشر والتوزيع التي تستلزم الكشف عن اسمي بعد أن أخفيته عنكم طوال هذه الشهور ! هنا يأتي الجد : هل تستحق صديقاتي مثل هذه التضحية ؟ هل يستحققن كل ما سيكال لي من تهم علاوة على ما قد كيل مسبقاً – إذا عُرف اسمي الحقيقي ؟ بانتظار آرائكم ونصائحكم ، راسلوني .
** كانت أم قمرة تدفع ابنتها دفعاً لمقابلة أبو مساعد ، العقيد في الجيش وصديق خالها منذ سنين . كان أبو مساعد في السادسة والأربعين ، سبق له الزواج لكنه على السنين الثماني التي قضاها مع زوجته لم يرزق منها بأطفال (ورغم ذلك فالجميع يكنونه أبو مساعد) . قرر الزواج بعد أن بلغته أنباء حمل زوجته السابقة من زوجها الثاني . عرض الموضوع على أصدقائه فما كان صديقه أبو فهد – خال قمرة - إلا أن رشح له ابنة أخته وهو يظن نفسه باراً بها بفعلته تلك . جلست قمرة غير بعيدة وراحت تتفحصه بدقة لم تتفحص بها راشد عندما أتى لخطبتها قبل ثلاث سنوات . ما عاد يعتريها ذلك الخجل القديم ولم تعد تتعثر في مشيتها . لم يكن الرجل عجوزاً كما تخيلته ، يبدو في نهاية الثلاثينات . لا شيب في شاربه لكن بعض الشعيرات الفضية فرت من تحت غترته البيضاء لتبدو واضحة عند جانبي وجهه. كان خالها يعرف أبو مساعد جيداً ولذلك بدا دور والدها ثانوياً . أراد الأب أن ينهض من مكانه لدقائق كما أوصته الأم حتى يتيح لابنته فرصة التحدث إلى خطيبها والتي لم يتحها لها قبل زواجها السابق لكنه كان بانتظار نهوض الخال الذي لم يتحرك من مكانه، ضارباً بتوسلات أخته التي تشير له من خلف درفة الباب عرض الحائط . ظل خال قمرة متوجساً ومتيقظاً بانتظار أي لفتة أو نظرة أو همسة منها ، كي يصب جام غضبه عليها وعلى أمها بعد انصراف أبو مساعد . أهمل هذا الأخير وجود قمرة وانصرف للحديث مع خالها عن آخر أسعار الأسهم . اغتاظت قمرة كثيراً من أسلوبه وأوشكت أن تغادر الغرفة مع أنها لم تدخل عليهم إلا قبل دقيقتين ، لكن قنبلة فجرها أبو مساعد حملتها على البقاء حتى ترى شظاياها : - أنا مثل ما انتم عارفين عسكري بدوي وما أعرف لكلام الحضر المزبرق وسوالف اللف والدوران . أنا سمعت منك يا بو فهد إن بنتكم عندها ولد من رجلها الأول . وأنا شرطي في هالزواج إن الولد يظل في بيت جده وما يسكن في بيتي . أنا بصراحة مانيب مستعد أربي ولد مهوب من صلبي . يرد والدها : - بس يا بومساعد الولد توه صغير ! - صغير والا كبير . هذا شرطي يا بو محمد ، والحق ما ينزعل منه . يحاول خاله تهدئة الوضع قائلاً : - طوّل بالك يا بو مساعد وما يصير إلا الخير إن شاء الله . كانت قمرة تقلب ناظريها بين أبيها وخالها وأبو مساعد . لم يفكر أحدهم أن يشاور صاحبة الشأن الجالسة إلى جانبهم كلوح من الخشب ! قامت وانصرفت من الغرفة بعد أن جحدت خالها بنظرة حارقة ! في غرفتها كانت أمها بانتظارها بعد أن سمعت كل شيء . شكت لها قمرة برود خالها وسلبية أبيها وغرور هذا الرجل الملقب بأبو مساعد . هونت عليها والدتهاوطيبت خاطرها بالقدر الذي تستطيع ، ثم آثرت أن تصمت بعد أن رددت على ابنتها ما ملت هي من كثرة ترديده وملت ابنتها من كثرة سماعه . ظلت قمرة ثائرة على هذا الذي يطلب منها بكل صفاقة أن تتخلى عن ابنها من أجله ، مع أنه غير قادر على الإنجاب كما هو جلي وواضح ! كيف يريد أن يحرمها من ابنها الوحيد الذي لن تشعر بأمومتها مع غيره ؟ كيف يسمح لنفسه بأن يأمرها أن تضحي بابنها فوق تضحيتها بالإنجاب إن هي قبلته زوجاً !؟ ثم من يظن نفسه هذا العسكري البدوي حتى يكلم أباها بتلك الطريقة المتعجرفة ؟ لقد سمعت عن رجال البدو وعن العساكر وطباعهم الصعبة لكنها لم تصادف في حياتها أحداً بهذه الصفاقة ! جاء خالها مع أبيها بعد انصراف الرجل غاضباً من طريقة انصرافها بلا استئذان ، وكما أهمل وجودها أمام الرجل ، أهمل وجودها هذه المرة أمام أمها : - بنتس(بنتك) ما تستحي يا أم محمد . الله يهداتس مدلعتها واجد . أنا أقول نتوكل على الله ونزوجها إياه . الرجال ما يعيبه شي ، والحمد لله البنت عندها ولد يعني ما نقصها أولاد ، وحنا كلنا عارفين إن قعدتها في ذا بدون رجال يضفها ويستر عليها ما تنبغي . كلام الناس كثير وحنا عندنا بنات نبي نزوجهن . انتي فيتس الخير والبركة يا أم محمد والله يطول لنا بعمرتس وتربين عيالتس وعيال عيالتس . ولد قمرة نخيله يتربى عندتس وأمه تجي تشوفه كل ما بغت وما ظن رجلها بيمانع . وش رايك يا خوي يا بو محمد ؟ - والله انت تعرف الرجال يا بو فهد وانت أبخص به . إذا انت مانت شايف عليه خلاف ، توكل على الله . انصرف خالها بعد أن أعطى رأيه كاملاً ومفصلاً في أمر ليس من شأنه ، وانصرف والدها هو الآخر ليبدأ سهرته مع أصدقائه في المزرعة (الاستراحة) ، وبقيت قمرة تهدر في وجه أمها بعصبية : - وش اللي رجال يضفني ويستر علي ؟ أخوتس شايفني مفضوحة والا فيني عيب يبي يخبيه ؟ هذا وأنا يقال لي حرمة الحين وعندي ولد والمفروض يوخذ بكلمتي وينسمع رأيي ! شكل الدنيا عندكم ماشيتن عكس الناس ! بزواجي الأول ما سويتوا فيني تسذا! بعدين وش هالرجال اللي انت ما خذته ؟ ما له أي كلمة على بنته قدام أخوتس ؟؟ وأخوتس هذا أنا وش دخلني ببناته اللي يبي يزوجهن ؟؟ إن شاء الله لا عمرهن تزوجن ! يبي يذبني على ذا العلة المستعلة عشان يخلص من همي ويزوج بناته ؟ جعله ينهد هو وبناته ! - استحي على وجهتس ! مهما كان هذا خالتس ، بس ما عليتس منه . استخيري واللي ربتس كاتبه بيصير . سلمي أمرتس لربتس وتوكلي على الله . لم تنصحها أمها بأن تستخير قبل زواجها الأول . هل كانت مواصفات راشد بالروعة التي تغني عن الاستخارة فيها ؟ صلت قمرة ركعتين مساء تلك الليلة بعد أن علمتها موضي صفة صلاة الاستخارة ، ثم افترشت سجادتها وراحت تدعو : - اللهم إني أستخيرك بعلمك ، وأستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم ، فإن تقدر ولا أقدر ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب . اللهم إن كنت تعلم أن في زواجي من أبو مساعد خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ، وإن كنت تعلم أن فيه شر لي ، في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفه عني واصرفني عنه . واقدر لي الخير حيث كان ، ثم رضني به . أخبرتها موشي أنه ليس بالضروري أن ترى حلماً يدلها إلى الاختيار السليم كما كانت تظن ، لكنها وبتكرار الاستخارة سوف يشرح الله صدرها للأمر الذي استخارته فيه فتتمه ، أو يقبض صدرها من ناحيته فتعرف أنه ليس من صالحها وتنصرف عنه ، ظلت قمرة تكرر صلاة الاستخارة مرات ومرات في الأيام دون أن تهتدي إلى قرار . بعد عشرة أيام أو ما شابه ، بعد أن توضأت وصلت ثم خلدت إلى النوم ، حلمت بأنها نائمة في سرير غير سريرها ومتلحفة بغطاء سميك لا يكشف سوى عن رأسها وقدميها . كانت تطل في وجه نفسها وكأنها تطل في وجه صديقتها سديم ، مع أنها متأكدة أنها هي المستلقية في الفراش رغم ملامحها التي كانت تتسدمن في الحلم بشكل غريب ! كان شعر النائمة مبيضاً وكان عندها لحية بيضاء طويلة (لكن العجيب أنها لم تستهجن وجود اللحية أثناء الحلم ) ، ثم رأت كأنها توقظ نفسها النائمة وتصيح فيها: قومي قومي فاتت الصلاة! ظلت تتقلب في فراشها حتى أفاقت من نومها في الحلم وفي الحقيقة . عندما قصت حلمها على موضي اتصلت تلك بأحد المشائخ المختصين بتفسير الرؤى والأحلام لتقص عليه قمرة حلمها . أخبرتقمرة الشيخ أن الحلم قد جاء بعد استخارة بشأن خاطب متقدم لها . سألها الشيخ إن كانت متزوجة فا<ابته (كنت يا شيخ ولكنني طلقت منه) سألها إن كان لها أطفال منه فردت (عندي منه ولد) . قال لها الشيخ : - إن هذه الفتاة النائمة هي أنت وليست صديقتك كما خُيل لك في الحلم . أنصحك يا ابنتي قبل كل شيء بالرجوع إلى الدين ، الذي فيه العصمة من كل بلاء والنجاة من كل شر ، لأن انحسار غطاء السرير عن رأسك إنما هو دليل على ضعف دينك . أما اللحاف فهو دليل على أمنك واستقرارك في زواجك الأول ، وكشف شعرك أيضاً دليل على عدم رجوع زوجك إليك وهذا خيرٌ لك لأن الشيب إنما يشير إلى فسقه وخيانته لك ، أما لحيتك فتبشرك بأن ابنك سيكون ذا شأن وسيادة بإذن الله بين أهله وقومه ، أما عدم لحاقك بوقت الصلاة فمعناه عسر في الأمر الذي استخرتي من أجله ، فأنصحك بعدم قبول هذا الرجل المتقدم لخطبتك والخيرة فيما اختاره الله والله أعلم . اقشعر بدن قمرة بعد سماعها تفسير الشيخ وأسرعت لإخبار أمها التي أخبرت بدورها أخاها فثار وتوعد ، لكن أم محمد امتصت غضبه بخبرتها حتى انتهى الأمر وصرف الجميع نظرهم عن هذه الخطبة التي لم يكتب الله إتمامها .
(34)
العــزاء آه ! يا قبلة أقدامي إذا شكت الأقدام أشواك الطريق إبراهيم ناجي وتستمر سلسلة العروض المغرية والاقتراحات التي لا أميّز صدقها من كذبها : جاءني اقتراح من أحد المخرجين السعوديين بتحويل إيميلاتي إلى مسلسل رمضاني! لِمَ لا؟ إن كنا سنطبعهم كرواية ، فلم لا نصورهم تلفزيونياً ؟ بما أنني أتفق مع ناقدنا عبد الله الغذامي في كون الأدب بورجوازياً والصورة ديموقراطية ، فأنا أفضل المسلسل على الرواية لأنني أريد أن تصل قصة صديقاتي إلى الجميع ، وهكذا تكون البداية . هنا يأتي السؤال المهم ، من ستقبل التمثيل في مسلسلي ؟ هل سنستعين بممثلات من الدول الخليجية المجاورة فنضحي بالحوار السعودي اللهجة ؟ أم سنجعل شباباً سعوديين يتنكرون للقيام بأدوار الفتيات فنضحي بالمشاهدين ؟!
** امتلأ منزل الشيخ عبد الله الحريملي أكبر عمومة سديم بالمعزين في والدها عبد المحسن ، الذي وافته المنية في مكتبه وسط المدينة إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة ، لم تمهله طويلاً . هناك ، في أبعد ركن من صالة استقبال الضيوف ، جلست سديم تجاورها قمرة ولميس اللتان تواسيانها ودموعهما أكثر من دموعها . كيف ستعيش سديم ولا أم لها ولا أب لها يرعيانها ؟ كيف ستنام وما من أحد معها في هذا المنزل الكبير ؟ هل ستتمكن من العيش في كنف أحد عمومتها الذين سيجبرونها بالتأكيد على العيش في منزل أحدهم ؟ أسئلة كثيرة لا تعرفان ولا تعرف سديم إجابتها في تلك اللحظات العصيبة . ماتت أمها قبل أن تتعرف إليها ومات أبوها وهي في أمس الحاجة إليه . إنا لله وإنا إليه راجعون ، الله لا لا اعتراف . كانت أم نوير تقف إلى جانب زوجات أعمام سديم وخالتها بدرية لاستقبال المعزيات، وعيناها تبحثان عن سديم بين الفينة والأخرى لتطمئن على حالها الذي يقطع القلب . تتأمل سديم بأسى النساء اللواتي ملأن الغرفة ، لا تبدو على أي منهن ملامح الحزن، بعضهن جئن بكامل الزينة والأناقة ، وبعضهن انصرفن للحديث حتى بلغت منهن قلة الذوق أن يفلتن ضحكات خافتة من هنا وهناك !! هل هؤلاء من قدمن لتعزيتها في مصابها الجلل ؟ أتجلس لاستقبال التعازي ممن لا يتعاطفن معها حقاً وتترك الذي يحترق قلبه نكداً على ألمها ويتفتت قلبه حزناً لحزنها دون أن يستطيع الاقتراب منها ومواساتها كما يحق للباقين ! هربت سديم من الغرفة التي لا يشعر فيها أحد بما يعتصر قلبها من ألم . لا يفهمها سوى فراسها . لا أحد يدرك مدى تعلقها بأبيها غيره . فراس وحده الذي يستطيع التخفيف عنها . هو من تبقى لها بعد رحيل أبيها . يا لحاجتها له ! رسائله على هاتفها الجوال لم تنقطع . كان يحاول باستمرار أن يشعرها بوجوده إلى جانبها . يذكرها بأنه يشاركها الحزن والخسارة . أبوها أبوه ، وهي روحه ، ولن يتخلى عنها مهما حصل . في الثلث الأخير من الليل ، أمسك فراس بكتيب الأدعية وراح يقرأ على سديم عبر الهاتف طالباً منها أن تؤمن وراءه : - اللهم إن عبد المحسن الحريملي في ذمتك فقه فتنة القبر وعذاب النار ، واغفر له وارحمه ، إنك أنت الغفور الرحيم . اللهم إنه عبدك ، ابن عبدك وابن أمتك ، كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمداً عبدك ورسولك . اللهم انقله من مواطن الدود وضيق اللحود إلى جنات الخلود . اللهم ارحمه تحت الأرض ، واستره يوم العرض ، ولا تخزه يوم يبعثون . اللهم يمن كتابه ، ويسر حسابه ، وثقل بالحسنات ميزانه ، وثبت على الصراط أقدامه ، وأسكنه في أعلى الجنات بجوار نبيّك ومصطفاك صلى الله عليه وسلم ، يا أرحم الراحمين ، يا حي يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ...) كان فراس يقرأ الدعاء بصوت متحشرج ولبه يتفطر من نحيب سديمه ،لكنه لم ييأس من محاولة انتشال حبيبته من حزنها ، وظل يطببها بحنان أبوي وتفاني مطلق وكأنه متفرغ لها ورهن إشارتها . لم تشعر للحظة ببعده أو عجزه عن احتوائها فعلياً . بقي فراس مع صغيرته سديم حتى ابتلعت لقمة الحزن الأولى الفاجعة ، ثم بقي بعد ذلك إلى جانبها يساعدها حتى تتمكن مع مرور الأيام من هضمها .
(35)
الدلو الدلو الدلو الدلو ! وما دمتم نفساً في فضاء الله ، وورقة في غابته ، فحري بكم أن تستريحوا في العقل وتتحركوا في الهوى جبران خليل جبران اسمحوا لي أن أنتشلكم من أحزانكم بعد إيميلي السابق لأبارك لكم هذا الأسبوع بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك ، أعاده الله علينا وعلى المسلمين كافة وأعاننا على صيامه وقيامه . أعتذر لكم عن إرسال الرسائل خلال هذا الشهر ، وأعدكم بمتابعة قصة صديقاتي بعد انقضاء الشهر الفضيل . أعترف لكم مسبقاً بأنني سأشتاق إليكم ، سأعود محملة برسائل خطيرة بعد رمضان بإذن الله ، فانتظروني .
** بعد انتهائهما من سنتهما الجامعية الرابعة ، قرر لميس وتماضر أن تستغلا العطلة الصيفية في التدرب بإحدى المستشفيات بجدة . لم يكن مسموحاً لهما ولبقية المتدربين والمتدربات بالتعاطي مع المرضى كأطباء مرخصين ، وإنما كانت مهماتهم تقتصر على مراقبة الأطباء المقيمين والاستشاريين أثناء فحصهم للمرضى وأحياناً أثناء إجراء العمليات ومحاولة التعلم والاستفادة منهم . لم يكن معهما في المستشفى من المتدربين سوى طالبين من طلاب الطب البشري وبضعة طلاب وطالبات من كلية طب الأسنان يمضون فترة التدريب في قسم الأسنان بالمستشفى . في بداية الأمر ، كانت تماضر تشعر بالإحراج لكونها وأختها الفتاتان الوحيدتين مع طالبي الطب البشري ، حتى أنها كانت تتعمد التأخر عن الحضور للمستشفى في الصباح وتخرج منها قبل نهاية الدوام الرسمي ، بعكس لميس التي كانت دقيقة في مواعيدها وحريصة على ألا يفوتها شيء من تلك المغامرة الجديدة . كان أطباء وموظفو المستشفى في غاية اللطف معهما ، لكن تماضر ظلت تستحي من أن تشارك الطالبين جلوسهما في الغرفة الصغيرة أثناء ساعات الفراغ كما كانت تفعل أختها الجريئة ، ولم تكن لتستطيع أن تنضم إلى الأطباء أو الطبيبات المنتظمين في استراحاتهم ، ولذلك فقد ظلت على ارتباكها وحيرتها ، محافظة على الحدود التي رسمتها بينها وزميليها ، وعاجزة عن التأقلم مع هذا الوضع المزعج الذي لا يناسب سوى أختها المندفعة التي تغيظها بانسجامها السريع مع جميع موظفي المستشفى ! بعد حوالي أسبوع من بداية تدريبهما الصيفي ، انقطعت تماضر عن الذهاب إلى المستشفى مع أختها ، واعتذر أحد الطالبين عن إكمال برنامج تدريبه للسفر إلى الخارج ، وهكذا بقيت لميس الطالبة المتدربة الوحيدة إلى جانب زميلها نزار . لاحظت لميس أن وجودها مع طالب واحد أفضل بكثير من وجودها مع طالبين تشعر عند اقترابها منهما بالتطفل ، فحال نزار الآن ليس بأفضل من حالها ، كلاهما لا يجد سوى الآخر ليمضي معه الوقت الضائع ما بين مواعيد المرضى والعمليات . كشف لها هذا التقارب الذي لم تخطط له شخصية نزار الرقيقة . كانت معاملته لها تختلف عن معاملة أحمد أو بقية أصدقائها لها على الإنترنت . كان يتصرف بعفوية آسرة ، مع أنها كادت تسيء فهم نواياه في البداية ، مثل ذلك اليوم عندما دعاها لتناول طعام الغداء معه في بوفيه المستشفى ، وكان ذلك في أول يوم لهما بعد غياب زميله . رفضت لميس دعوته متذرعة بقراءة كتاب طبي بين يديها ، وأخبرته بأنها ستتناول غداءها بعد دقائق ، فما كان منه إلا أن ذهب إلى البوفيه وعاد منه بطبقين ، أحدهما له والآخر لها ، قدم الطبق لها بأدب وهو يذكرها بموعد العملية التي ينويان حضورهما بعد ساعة ، ثم حمل صينيته وتناول طعامه في إحدى غرف المرضى الخالية . لم تحتج لميس لفترة طويلة حتى تعتاد على عفوية نزار وتعجب بشخصيته المهذبة . بدأ الحوار ما بينهما يتجاوز خطوط الطب وطرق العلاج وتأثيرات الأدوية وآخر العمليات التي حضراها معاً ، ثم سرد أحلام كل منهما لنفسه وتصوراته لحياته بعد التخرج ، ليصل إلى حياتهما الشخصية وجذور عائلتيهما وعدد الإخوة والأخوات والمشاكل اليومية الصغيرة وغيرها من الأحاديث التي تشير إلى أن ثمة ثلجاً قد تكسر . على إحدى الطاولات المنتشرة في البوفيه كانت البصّارة لميس تخمن البرج الفلكي الذي ينتمي له نزار ، وهو يتابعها بحماس من يتعلم لعبة جديدة : - انتا أكيد إما قوس أو دلو . أتوقع دلو ... لا قوس !لا لا دلو دلو !! - طيب قولي لي أيش صفات هدا وأي صفات داكا ؟ (يعقب نزار بخبث) علشان أعرف مين أختار ! - لا لا ما يصير . أمانة أيش برجك ؟ - حزري ! - قولتالك ! دلو أو قوس . ما شكلك عذراء ، رجال العذراء دمهم تقيل بالمرة ورومانسيين بزيادة ! يرفعوا الضغط ، وما شكلك تور . - ربي يطمنك يا ستي ! - جايز حمل ؟ صح ! ممكن تكون حمل ! - إيوه كملي ! وإيش كمانه ؟ ما خليتي برج ما قلتيه ! وعاملة فيها بتفهمي في الأبراج يا بكاشة ! - خلاص خلاص ، يا حمل يا قوس . - خلاص ؟ هدا آخر كلام ؟ - إيوه . - طيب .. - طيب أيش ؟ - طيب ما أبغي أقهرك وأقول لك إني دلو ! - يا ....!! أنا من الأول قلت دلو بس انت لخبطتني !! - أنا لخبطتك ! والا انت اللي كل شوية تغيري رأيك! - يا دُب! - يا نعم ! - نعم الله عليك يا خويا . يالله قوم ورانا راوند . - أقولها لك دحينا . رجال الدلو وحشين وشايفين حالهم ودمهم تقيل بس في بنات من برج الميزان بيدّوهم وش ! - يا بختهم ! - مين ؟ رجال الدلو؟ - لا ... اللي بيدوهم وش يا فالحة !! كان أول ما فعلته لميس حال عودتها للمنزل ذلك اليوم هو البحث في كتب الأبراج عن نسبة التوافق بين برجي الميزان والدلو . وجدت أن النسبة تصل في أحد الكتب إلى 85% وفي كتاب آخر لا تتجاوز الـ 50% ، فقررت أن تصدق النسبة الأولى ، لكنها هذه المرة ستحسن التخطيط والتكتيك حتى تصل إلى مرادها ، سوف توقع نزار في شباكها بذكائها ، وسوف تثبت لقمرة أن بعض الفتيات بإمكانهن أن تحلمن بأي شخص تردنه ، وبقليل من الجهد والصبر ، يمكنهن أن تحصلن عليه ! لم تنم تلك الليلة إلا بعد صلاة الفجر ، بعد أن ملأت مذكراتها بخطط حربية وقوانين يجب عليها السير وفقها وتذكير نفسها بها إذا ما أراد القلب أن يشطح مع الأيام . كانت هذه عادتها ، أن تدون أفكارها على الورق لتلتزم بقراراتها فيما بعد . كانت عادة علمتها إياها والدتها الدكتورة فاتن . كتبت ملاحظات عامة من مشاهداتها في الحياة ومحاذير استخلصتها من تجاربها وتجارب صديقاتها وقريباتها مع الرجال ، ونصائح سمعتها أو قرأتها في يوم ما وظلت قابعة في ذاكرتها بانتظار التنفيذ ... بدأ جميع توجيهاتها لنفسها بـ (لن) : - لن أسمح لنفسي بحبه قبل أن أشعر بحبه لي . - لن أتعلق به قبل أن يتقدم لي رسمياً ! - لن أتبسط معه في الحديث ولن أحدثه عن نفسي ، سأظل غامضة بالنسبة إليه (هكذا يفضل الرجال المرأة) ولن أشعره بأنه على علم بما ما يدور في حياتي مهما شعرت بالحاجة لفعل ذلك ! - لن أكون سديم ، ولا قمرة ، ولا ميشيل ! - لن أكون أبداً البادئة بالاتصال ، ولن أرد على الكثير من مكالماته . - لن أملي عليه ما يفعل كما تفعل بقية النساء بالرجال . - لن أتوقع منه أن يتغير من أجلي ، ولن أحاول تغييره . إن لم يعجبني بجميع عيوبه فلا داعي لأن نستمر معاً ! - لن أتساهل في حقوقي ولن أسامحه على الخطأ حتى لا يعتاد على ذلك . - لن أعترف له بحبي (إن أحببته) قبل أن يصرح هو لي بحبه أولاً . - لن أغيّر نفسي من أجله . - لن أغمض عيني عن أية مؤشر للخطر !! - لن أعيش في وهم ، إن لم يصرح لي بحبه خلال مدة أقصاها ثلاثة شهور ، ويخبرني بوضوح عن مصير علاقتنا ، فسوف أنهي العلاقة بنفسي .
(36)
ميشيل تتحرر من القيود لا أدعي أني قلت هنا الحقيقة كاملة ، ولكني أرجو أن كل ما قلته هنا حقيقة . غازي القصيبي (حياة في الإدارة) كل عام وأنتم بخير . تقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم . اشتقت إليكم جميعاً ، حلفاء وأعداء ، وتأثرت بسؤال الجميع الذي لم ينقطع عني طوال الشهر الفضيل . ها قد عدتُ إليكم عودة الصائم إلى الفطر في شوال . ظن البعض أنني سأقف عند هذا الحد ولن أكمل القصة بعد رمضان . أحب أن أطمئن المحبين وأغيظ الحاسدين بأن هذه ما زالت البداية ، وما زال فتيل الاعترافات طويلاً بداخلي ، وكلما طال احتراقه ، ازدادت كتاباتي توهجاً . تأقلمت ميشيل مع حياتها الجديدة بأسرع مما كانت تنتظر ، وحاولت أن تضع وراء ظهراها تجارها السابقة التي لم توفق في أي منها لتبدأ من جديد . صحيح أن الغضب والسخط على العالم بأسره ظلا قابعين بداخلها لكنها استطاعت أن تتعايش معهما حتى بدت طبيعية بالنسبة لمن هم حولها . ساعدها أن دبي كانت أجمل مما توقعت ، وأن تعامل الجميع معها ومع أسرتها كان أرقى مما كانت تنتظر. تعرفت في جامعتها الجديدة على جمانة ، طالبة إماراتية في مثل سنها تدرس تقنية المعلومات . كانتا تشتركان في دراسة بعض المواد ، وكانت جمانة تلفت انتباهها دائماً لجمالها وأناقتها ولكنتها الأمريكية المتقنة وسرعان ما توطدت العلاقة بينهما . فرح والد ميشيل بعلاقة ابنته بابنة أحد أكبر رجال الأعمال في الإمارات وفي الخليج وصاحب واحد من أنجح القنوات الفضائية العربية . كان ميشو(مشعل) أخو ميشيل يخبر جمانة في كل مرة تأتي فيها لزيارتهم أنها تكاد تكون نسخة من أخته ، نفس الطول والجسم وتسريحة الشعر ونفس الذوق في اختيار الملابس والأحذية والحقائب والإكسسوارات ، وكان ميشو محقاً ! كانت الفتاتان تشتركان في كثير من الأمور ، وقد ساعدهما ذلك على التقارب إلى حد كبير وحررهما من عقدة الغيرة بين الصديقات اللواتي لا يمتلكن نفس الإمكانات الجمالية والعقلية والمادية . اقترحت جمانة على ميشيل أن تعمل معها في بداية العطلة الصيفية في محطة والدها الفضائية ، فوافقت ميشيل التي تحمست للفكرة كثيراً . شاركت الفتاتان في إعداد أحد البرامج الخاصة بالشباب والتي تبث أسبوعياً على الشاشة الصغيرة . كانت كل منهما تبحث عن أحدث الأخبار الفنية على مواقع الإنترنت الأجنبية والعربية ، وتعدان تقاريرهما يومياً لتقديمها لمعد البرنامج الذي لاحظ حماسهما البالغ ونشاطهما المميز ، فأوكل لهما إعداد الفقرة الفنية بأكملها . حدث ذلك في الشهر الأخير من العطلة الصيفية ولذلك فقد ألقيت المهمة على عاتق ميشيل وحدها بعد أن سافرت جمانة مع أسرتها لقضاء الشهر المتبقي من العطلة في أسبانيا . انهمكت ميشيل في إعداد الفقرة الفنية كل أسبوع واستمرت في تلك الوظيفة حتى بعد انقضاء العطلة الصيفية وبدء الدراسة . كانت الفقرة تختص بأخبار الفنانين والفنانات العرب والأجانب . حصلت من مُعد البرنامج على أرقام وعناوين عدد كبير من مديري أعمال الفنانين والفنانات في العالم العربي ، فصارت تتصل بهم للتأكد من صحة هذه الإشاعة أو تلك أو لترتيب لقاء هاتفي أو مباشر مع أولئك الفنانين . ساعدتها هذه المهمة وأسلوبها اللبق في الحوار على تكوين علاقات كثيرة مع عدد من المشاهير الذين صاروا يعرفونها شخصياً ويجتمعون بها أثناء زياراتهم لدبي ، وصارت تُدعى إلى حفلاتهم بشكل دائم . تطور بها الأمر حتى عُينت رسمياً معدة للبرامج في تلك القناة وصار لها برنامجها الخاص الذي تقوم بتقديمه مذيعة لبنانية شابة ، بعد أن رفض والدها السماح لها بتقديم برنامج على شاشة قناة فضائية يصل بثها إلى منازل أقاربه في السعودية . فتح لها العمل في المجال الإعلامي الذي يعد اختصاصها آفاقاً جديدة . شعرت لأول مرة بتحررها الفعلي من جميع القيود التي كانت مفروضة عليها من قبل . تعرفت على أنواع مختلفة من البشر وشعرت بأنها أكثر ثقة بنفسها وبأنها تستطيع تحقيق كل ما تريد بصداقتها الواسعة وعلاقاتها الكثيرة . كان الجميع يحبونها وكانت تقابل محبتهم بالمزيد من التميز والنجاح . ظلت جمانة صديقتها المقربة لكنها لم تكن تهوى العمل الإعلامي بشكل كبير فاستلمت وظيفة إدارية في المحطة بعد تخرجها الذي سبق تخرج ميشيل بحوالي عامين .
(37)
رجل كالآخرين ؟! أدري طريقي صعب وأدري فراقك صعب حتى رجوعي صعب ما به حلول لكن با قول تعذبي يوم ، يمكن شهر انسي السهر وانسي القهر ، وانسيني عيشي حياتك كلها ، بحلوها وبمرها يمكن تلاقي لك حبيب يصير لجروحك طبيب وترجع فرحتك ثاني وتنسي الحب وتنساني وتترك ديرة احزاني بدر بن عبد المحسن الأخ عادل الفايق – الذي يبدو لي أنه متخصص في مادة الإحصاء – أرسل لي منتقداً رسائلي لأنها تأتي بأطوال متباينة وغير متناسقة كأطراف الفساتين حسب موضة هذه السنة . يقول الأخ أنه كي تكون أطوال إيميلاتي متناسقة فإنه يجب أن يتم توزيعها توزيعاً طبيعياً ، وحسب الأخ عادل فإن التوزيع الطبيعي هو ما تتمحور 95% من البيانات فيه حول المعدل الطبيعي ، مع مراعاة عامل التنوع أو (الستاندرد ديفيشن) ، وأن تكون نسبة البيانات الخارجة عن منطقة التمحور هذه – سواء المنخفضة عنها أو المرتفعة – لا تتعدى ال 5ر2% في كلتي الناحيتين ، لما مجموعه 5% . أحد معاه ريال ؟
** أتت النهاية التي ظلت سديم تغمض عنها عينيها لمدة ثلاثة سنوات ونصف السنة . بعد أن أهداها فراس جهاز الكمبيوتر المحمول (اللاب توب) الذي وعدها به في عطلة نصف العام الدراسي بعد تخرجها بأيام ، أخبرها بصوت خافت وكلمات تقطر ببطء كقطرات الماء من صنبور مقفل ، بأنه قد خطب فتاة تقرب لأحد أزواج أخواته الخمس. ألقت سديم بسماعة الهاتف غير عابئة بتوسلات فراس . شعرت بدوامة عنيفة تشدها لأسفل ، تشدها لما تحت الأرض ! حيث يسكن الموتى الذين تمنت أن تكون إحداهم في تلك اللحظة . ايعقل أن يتزوج فراس من غيرها ؟ كيف يمكن لمثل هذا أن يحدث !!؟ بعد كل هذا الحب والسنوات التي عاشاها معاً ؟ أيعقل أن يعجز رجل بقوة فراس عن إقناع أهله بزواجه من فتاة قد سبق لها الارتباط برجل قبله ، أم أنه عجز عن إقناع نفسه بذلك قبل كل شيء ؟ أتكون فشلت بعد كل هذه المحاولات في أن تصل إلى درجة الكمال الذي يليق برجل مثل فراس ؟؟ لا يمكن أن يكون فراس نسخة أخرى من فيصل حبيب ميشيل ! كانت تراه أكبر وأقوى وأكثر شهامة من ذلك المتخاذل الذي تخلى عن صديقتها بلا رجولة ، فإذا به من نفس الفصيلة . لا فرق بين أفراد تلك الفصيلة سوى بالشكل . يبدو أن الرجال جميعهم من صنف واحد وقد جعل الله لهم وجوهاً مختلفة حتى يتسنى لنا التفريق بينهم فقط ! كان فراس قد اتصل بها على هاتفها الجوال ثلاثة وعشرين اتصالاً خلال سبع دقائق لكن الغصة التي في حلق سديم كانت أكبر من أن تسمح لها بالحديث معه ! لأول مرة لا ترد سديم على اتصال لفراس بعدما كانت تهرع إلى الجوال لحظة أن تسمع نغمة اتصاله المميزة ، (لقيت روحي بعدما أنا لقيتك ... وبعد اللقا أرجوك لالا تغيبي ...) راح يكتب لها رسائل نصية رغماً عنها ، يحاول أن يوضح فيها ما حدث ، فتقرأ ويزداد غضبها بدلاً من أن تهدأ . كيف استطاع أن يخفي عنها نبأ خطوبته لمدة أسبوعين هي مدة امتحاناتها النهائية؟! كان يحادثها عشرات المرات كل يوم ليطمئن على سير مذاكرتها وكأن شيئاً لم يكن !ألهذا السبب كان قد كف عن الاتصال بها باستخدام هواتفه الخاصة وصار يتصل بها بواسطة البطاقات المسبقة الدفع حتى لا يكتشف أهل خطيبته ما بينه وبينها من علاقة إذا ما حاولوا مراجعة فواتير هواتفه الخاص ؟؟ إذن فقد كان يعد لهذا الأمر من شهور !! كتب لها أنه أصر على ألا يعلمها بالأمر قبل أن يطمئن إلى تخرجها من الجامعة بتفوق ، وكان هذا ما حدث ، فقد حصلت في ذلك الفصل على أعلى الدرجات ، مثل عادتها منذ أن تعرفت على فراس . كان فراس ينصب نفسه مسؤولاً عن دراستها وتفوقها وكانت هي تسلم له زمام الأمور وتكتفي بطاعة أوامره بسعادة ، فهي تصب دائماً في مصلحتها . لقد تفوقت في هذا الفصل على الرغم من وفاة والدها قبل موعد امتحاناتها النهائية بعشرة أسابيع . ودت حينها لو أنها لم تتفوق ولم تنجح ولم تتخرج . لو أنها رسبت ، لما شعرت بهذا الذنب الثقيل بسبب تفوقها رغم وفاة والدها القريبة ، ولما استطاع فراس أن يتركها ليتزوج إلا بعد فصل دراسي آخر !! هل سيرحل فراس عنها إلى الأبد كما رحل والدها قبل أسابيع ؟ من سيرعاها بعدهما في هذه الحياة ؟؟ خطرت ببال سديم وفاة أبي طالب عم الرسول صلى الله عليه وسلم ووفاة السيدة خديجة رضي الله عنها في عام واحد ، وتسميته بعام الحزن . استغفرت الله وهي تفكر بأن أحزانها هذا العام تعادل أحزان كل البشر على وجه الأرض . انقطعت عن تناول الطعام لثلاثة أيام متواصلة ، ولم تقوى على مغادرة غرفتها إلا بعد أسبوع كامل من سماعها للنبأ الذي شل مشاعرها وأفكارها وجوارحها وتركها لأول مرة منذ سنين بحاجة لاتخاذ قرارات دون استشارة المستشار فراس . ألمح لها في رسائله النصية المتواترة بأنه مستعد لأن يبقى حبيبها طوال العمر . هذا هو ما يريده بالفعل ، لكنه سيضطر لإخفاء ذلك عن زوجته وأهله ! أقسم لها أن الموضوع ليس بيده ، وأن الظروف كانت أقوى منه ومنها ، وأنه يتألم لهذه النتيجة التي وصلا إليها أكثر منها ولكن ما باليد حيلة ! ليس أمامهما إلا الصبر . حاول إقناعها بأنها ستظل حبيبته مدى الحياة ، وأنه لن تتمكن امرأة أياً كانت من احتلال مكانها في قلبه . أخبرها أنه يرثي لحال خطيبته منذ الآن لأنها ارتبطت برجل قد تذوق طعم الكما في امرأة قبلها ، وسيظل الطعم باقياً على لسانه ، يستحيل على امرأة عادية أن تمحوه ! بعد سنين من سعيها وراء الكمال الذي لا يليق برجل مثل فراس سواه ، ركل فراس كمالها بقدمه والتفت إلى العادية ، بل التفت إلى الابتذال حتى يخلص نفسه من عناء المقارنة بين أية فتاة قريبة من الكمال وبينها . اعترف فراس لنفسه ولها أنها وحدها التي تشبع كل عاطفة وغريزة بداخله . حاول إقناعها وإقناع نفسه قبلها بأنه قد أعلن استسلامه أمام مشيئة الله التي أبت اجتماعهما ، ولذلك فقد تساوت في نظره جميع النساء ولا فائدة من التنقيب عمن توازيها ، فهي الوحيدة التي اختزلتهن جميعاً في روحها ، ومن الصعب عليه التفكير باحتمالية وجود من تشبهها على وجه الأرض . كان قرار الابتعاد أول قرار اتخذته بعد الصدمة ودون أن تفكر بعواقبه . حال سماعها لخبر خطبته لم تستطع أن تستمر في التمثيل . أنهت تلك المكالمة دون توديعة لأول مرة في حياتها ، ورفضت الرد على مكالماته ورسائله المستعطفة بعد ذلك رغم كل الألم الذي كان يعتصرها بعنف شيطاني . كانت تلوذ بدموعها الساخنة التي لم تجف دقيقة واحدة على مدى أسبوعين . كانت تداري حزنها على فراس بحزنها على والدها الذي اشتد قسوة بالفعل بعد انقطاعها عن حبيبها . حاولت بصدق أن تتجاوز محنتها دون مساعدة فراس . كانت تجلس إلى مائدة الطعام مع خالتها بدرية فلا تمر دقيقة حتى تنهار باكية ، أمام طبق من السمك الذي تحبه أو صحن من المهلبية التي تعشقها .كانت تكتم غصتها وهي تشارك خالتها مشاهدة التلفاز فتنفلت الدموع رغماً عنها ، يتبعها أنين لا تقوى على كتمانه . لو كان الأمر بيدها ، لو لم يكن بها بقية من عقل وأشلاء كرامة ، لكانت ذهبت برجليها إليه وارتمت بين أحضانه لتفرغ ما في قلبها من حقائب البكاء على صدره الذي ليس لها سواه في هذا العالم ، لراحت تشكوه إليه وتستنجد به منه . خالتها بدرية التي كانت قد انتقلت للسكن معها في المنزل بعد وفاة أبيها حتى تنتهي سديم من تقديم امتحاناتها النهائية تصر الآن على أخذها للعيش معهم في مدينة الخبر بالمنطقة الشرقية ، لكن سديم ترفض . لن تنتقل للسكن في مدينة فراس مهما كلف الأمر ! لم تعد تطيق العيش معه تحت سماء واحدة بعدما فعله بها وبعد الجرح الذي سببه لها ، فكيف تعيش في نفس مدينته ؟ تقسم خالتها بأنها لن تدعها وحدها في الرياض مهما فعلت ومهما قالت ومهما تذرعت بمنزل أبيها والذكريات التي يعز عليها فراقها . لم يمض على انقطاعها عنه سوى أيام وهاهي تشعر منذ الآن بحاجة ماسة إليه . لم يكن مجرد شوق وحنين ، وإنما كان شعور المخنوق بعد انقطاع الهواء عنه . كان فراس الهواء الذي تتنفسه على مدى سنوات ، وكان الشخص الوحيد الذي تسرد له تفاصيلها اليومية بإسهاب مذنب يجلس على كرسي الاعتراف أمام كاهنه . كانت تحكي له عن كل شيء حتى يسخر منها بسبب أحاديثها التي لا تنتهي ، ويضحكان معاً وهو يذكرها بالأيام الخوالي في بداية علاقتهما ، عندما كان يجرجر فيها الكلمات من فمها بطلوع الروح !
(38)
الصبر مفتاح ال ... زواج الرجل له مصباح هو الضمير ، والمرأة لها نجم هو الأمل ، فالمصباح يهدي ، والأمل ينجي . فيكتور هوجو حزن البعض على فراق سديم وفراس ، وفرح البعض لأن فراس اختار زوجة صالحة بدلاً من سديم التي لا تصلح لأن تكون أماً لأبنائه . قرأت ضمن الرسائل التي وصلتني عبارة تقول أن الحب الذي يأتي بعد الزواج هو الحب الذي يدوم ، وأن ما قبل الزواج من مشاعر ليس إلا عبث وضحك على الذقون ، فهل هذا صحيح برأيكم ؟
** لم تعتقد لميس أن خطتها أو (رسمها ) على نزار سوف يتطلب منها كل هذا الصبر وبرودة الأعصاب ! كانت في البداية تظن أن مهلة الأشهر الثلاث كافية لإيقاعه في شباكها ولكنها مع الوقت اكتشفت أن الأمر يتطلب منها الكثير من الحنكة والصبر ، وهذان في تناقض مستمر مع ازدياد إعجابها بنزار ! لم تتصل به أبداً وكانت تحاول جاهدة أن لا ترد على بعض اتصالاته الشحيحة . كانت تشعر بقواها الخارقة تضعف مع كل رنة من هاتفها الجوال ، تظل عيناها معلقتين برقمه الظاهر على شاشة الجوال حتى يكف الجهاز عن الرنين ويكف قلبها عن الخفقان على وزن رنة الجوال ! كانت النتيجة مُرضية في البداية ، فقد أرضى اهتمامه بها غرورها . حذرته بحزم منذ البداية من أن يتدخل في حياتها ، وأفهمته أن صداقتهما لا تعني أن من حقه أن يتطفل عليها ويسألها عن جدولها اليومي . كان يعتذر لها باستمرار مبرراً اهتمامه بحرصه على معرفة أوقات فراغها حتى لا يزعجها أثناء انشغالها ، ثم أنها لا ترد على الرسائل النصية التي يبعثها إليها ! أخبرته أنها لا تحب كتابة الرسائل النصية فهي تتطلب منها وقتاً ليست في غنى عنه (لو وقع هاتفها بين يديه لوجده مليئاً بالرسائل المرسلة والمستقبلة من صديقاتها وقريباته ) !. بدأ اهتمامه بها يخفت تدريجياً باعثاً في نفسها القلق والخوف ، فاتصالاته قلت بشكل ملحوظ وحديثه أصبح أكثر جدية ورسمية وكأنه بدأ يضع لعلاقتهما حدوداً لم يكن يضعها من قبل . اعتقدت لميس أن الوقت قد حان للاستغناء عن خطتها المتشددة لكنها خافت أن تندم بعد ذلك على استعجالها وفي التي تنتقد سذاجة صديقاتها وقلة صبرهن على الرجال . ظلت تواسي نفسها بكون نزار ليس من نوعية الشباب السهل ، وأن هذا على الأرجح أكثر ما يشدها إليه ، وما سيملؤها فخراً فيما بعد إن هي نجحت في الحصول عليه ! حاولت أن تحتفظ بإيجابيتها طوال الشهور الثلاثة التي حددتها للعلاقة . كانت تذكر نفسها بمدى إعجاب نزار بها وهي تنبش في ذاكرتها عن كل صغيرة تشير إلى ذلك . بدا الأمر سهلاً خلال الشهر الأول من عودتها إلى الرياض ، فالأحداث التي مرت بهما في جدة ما زالت طازجة بعد في عقلها . كان يحسن الاستماع إلى حديثها ، وكان يستمتع بما تقول وما تفعل حتى وإن كان ما تقوله أو تفعله غاية في الغباء أو التفاهة ، كنكتة سخيفة أو صنع فنجان من النسكافيه كل صباح حتى أحاديثهما الهاتفية خلال الشهر الأول من بداية الدراسة كانت تدل على إعجاب مبطن ، فرغم أنها كانت جافة معه في كثير من الأحيان وكانت تختلف معه في كثير من الأمور إلا أنه كان دوماً من يبادر بالاتصال والاعتذار إن استدعى الأمر . في الشهر الثاني كانت قد استهلكت جميع الذكريات الواضحة وتحولت إلى تلك الدقائق التي لم تلاحظها إلا بعد أن أجهدت ذهنها في التفكير ، مثل ذكرى آخر يوم لها في المستشفى بجدة ، عندما ذهبا لتناول الغداء في البوفيه ، فسحب لها الكرسي قبل أن تجلس على إحدى الطاولات وما كان قد فعل ذلك لها من قبل ، ثم جلس هو في الكرسي المجاور وليس المقابل كعادته ، وكأن الكرسي المقابل أبعد من اللازم في يوم الوداع ، ثم استدراجه إياها مرات عديدة لأن تنطق ببعض الكلمات التي يحب سماعها منها بسبب طريقة لفظها المميزة لها ، مثل كلمة Water اللي تنطق حرف ال T فيها كحرف D مثلما يفعل الأمريكان ، وكلمة Exactly التي يصر على تقليدها فيها بشكل مبالغ فيه ليبدو مضحكاً جداً Eg-zak-ly! ، وكلمة أربعين التي لم تكتشف أنها من ضمن ألاعيبه حتى سألها في ذلك اليوم : - أقول لك ، كم كان عمر المريضة اللي شفناها من شويّة ؟ - سبعة وأربعين سنة على ما أذكر . - بكم البيتزا الكبيرة ؟ - بخمسة وأربعين ، ليش تبغانا نطلب بيتزا بعد ما شربنا كل دا الأكل يا فجعان؟ - (وهو يغالب ضحكته) : لا لا طنشي . طيب عشرة زائد تلاتين يساوي كم ؟ - أربعين ! يوه ! إش بك يا نزار ؟! ترى إزا ما قلتاللي أيش الحكاية راح أزعل منك! ينفجر نزار ضاحكاً وهو يخبرها أنه يحب كثيراً طريقة لفظها لتلك الكلمة بالذات : أريعين ! في بداية الشهر الثالث كان قد مر على آخر اتصالاته أسبوعان كاملان ، تعبت خلالهما لميس من إيجابيتها وخططها التي لا تلتزم بها إلا من لا قلب لها ، لكنها ظلت خائفة من التراجع ، وقد قطعت في تنفيذ سياستها شوطاً لا بأس به ! أقنعت نفسها بأن نزار سيعود في يوم ما ولكن فقد في حال كونه مكتوباً في صفحة قدرها . لم يخيب القدر ظنها ، والخطة التي كانت تنوي إيقاف العمل بها إن لم يصرح نزار بحبه لها في غضون ثلاثة أشهر ، نجحت في دفعه إلى التقدم لخطبتها رسمياً من أهلها قبل نهاية المهلة المحددة بثلاثة أسابيع !
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alshalah.ahlamontada.com
 
سالفة بنات الرياض6
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سالفة بنات الرياض1
» سالفة بنات الرياض2
» سالفة بنات الرياض3
» سالفة بنات الرياض4
» سالفة بنات الرياض5

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشله :: الشعر و القصص :: القصص-
انتقل الى: