ساعد على ساره على النزول من المركب الصغير الذى أقلهم الى شاطئ الغرام وهو أحد الشواطئ الشهيره فى مرسى مطروح
كان على يرتدى قميص رياضى أنيق قصير الأكمام وبنطال رياضى قصير وقبعة رياضيه ويغطى عينيه بنظارة شمسيه أنيقه
أما ساره فقد ارتدت عباءه واسعه مريحه أسفلها بنطال طويل من نفس قماش العباءه وطرحه جميله أنيقه من نفس اللون وغطت عينيها بنظارة شمسيه أنيقه يتناسب لونها مع لون العباءه
كانا يسيران على الشاطئ وأقدامهما فى الماء وأيديهما متشابكة الأصابع حتى وصلا الى صخرة كبيرة فقالت ساره : هيا ,ساعدنى لأصعد الى الصخرة
هتف باستنكار : من ؟ أنا؟ لا يمكن
التفتت اليه وقالت بدهشه : لماذا ؟
ثم أردفت بمكر : أتخشى أن يظننى الناس ليلى مراد؟
قال بمرح : بل أخشى أن يظن الناس أننى أنا ليلى مراد
ضحكت وهى تضربه فى كتفه وتقول: أيها الماكر,هيا ,أعطنى يدك
أبعد يديه عنها مدعيا الخوف قائلا باستكانه : لا .لن أعطيك يدى فليس لدى سوى اثنتين فقط
قالت بلهجه منذره : على,هيا ساعدنى
ساعدها على تسلق الصخره ثم صعد خلفها وجلس بجانبها وقال بمرح : أنت الآن تجلسين مكان ليلى مراد تماما
ضحكت وسألته بخبث : هل تشاهد السينما؟
قال : لقد رأيت الفيلم قديما
خفض صوته وقال بلهجه توحى بالأهميه : لن أخفى عليك ..فبطل الفيلم كان أحد الأعضاء البارزين القدامى فى جماعتنا
نظرت اليه بدهشه وقالت باستنكار : من؟ حسين صدقى؟أتريدنى أن أصدق هذا؟
قال ببساطه : نعم .هذا ما حدث .لقد اعتزل الحياة الفنيه بعد ان انتج فيلما اسلاميا عن الصحابى خالد ابن الوليد.ولكن لم يذاع ابدا من خلال التليفزيون
وهذه أول معلومة عن جماعتنا..يمكنك الآن البدء فى أبحاثك ودراساتك.فأنا متلهف بشده لتدرسى شخصيتى
قالت بدهشه : شئ عجيب ,أتصدق؟لقد نسيت هذا الأمر تماما
قال بحب : ولكنى لم أنساه
ضحكت ضحكه متوتره وقالت : حقا ..يجب أن أبدأ
التفتت اليه متساءله : ولكن ..أتوافق على ذلك؟
قال بحماس : بالتأكيد,يجب أن أساعدك فى عملك
عقدت حاجبيها وكأنما تذكرت شيئا قد نسيته : عملى؟..أتقصد أنك موافق على استمرارى بالعمل فى المركز؟
قال باسما : ولم لا ,طالما أنه لا يخالف الشروط التى اتفقنا عليها
صمتت مفكره ثم قالت بعد قليل : أتعلم أن شخصيتك تثير حيرتى كثيرا,ففيها مجموعه من المتناقضات العجيبه التى يندر تجمعها فى شخص واحد..
أحيانا ,أراك طفل صغير وأحيانا أخرى تتكلم بلسان حكيم ,ثم أرى فى تصرفاتك زوج رائع يحمل بين جنباته مشاعر أبوة طاغيه تجعله يذوب عشقا لأسرته ويبذل أقصى مايستطيع لإسعاد من حوله
قال بمرح : بعد كل هذا الإطراء ,يحق لى أن أغتر
قالت بجديه : ولكن ..هناك وجه آخر مخيف لا يظهر الا.....
صمتت ولم تكمل فقال باسما : الا اذا رأى منكرا فادحا أو تعرضت كرامته للإهانه
صمت قليلا ثم قال بخجل : اننى كأى رجل ..أثور وقد يتملكنى الغضب .وقد يتغلب على أحيانا
أتعلمين..لقد قضيت وقتا طويلا أعانى من الندم وأقول لنفسى ما كان ينبغى أن أتصرف بهذه الطريقه ..بل كان يجب ان أتحكم أكثر فى ردود أفعالى
ولكن يجب ان اعترف ان لديك قدره غير عاديه على استفزاز مشاعرى
ضاقت عيناها وقالت بمكر : ولكن ماذا لو كان من يقف أمامك ....هو رجل فهل كنت ستتصرف بهذه الطريقه؟
رفع حاجبيه وقال بعد تفكير : حقا لا أدرى كيف كنت سأتصرف وقتها.. ربما كنت فى السجن الى الآن...أو معلق فى حبل المشنقه
ولكن ..لأنك لست رجل..فيجب ان أطلب منك أن تسامحينى
تورد خديها وادارت وجهها الى الجهة الأخرى محاولة اخفاء انفعلات عينيها وتورد خديها, ابتلعت ريقها بصمت ...قالت بعد فتره مغيره الموضوع : والآن..أخبرنى.من هو قائدك الأعظم ..وما اسم جماعتك؟
حك لحيته وأخذ يفكر بعمق ثم قال بعد صمت طويل :أظنك مكثت لفترة طويلة فى أمريكا
تنهد بقوه وكأنما يستجمع شجاعته وقال بتردد : ساره..أريد أن أعترف لك بشئ ولكن..أخشى أن تغضبى
عقدت حاجبيها وانتبهت باهتمام وقالت : لا , لن أغضب..قل
نظر اليها طويلا بصمت المتردد حتى كاد صبرها أن ينفذ وقال : ولكنك ستغضبين بالتأكيد
زفرت بضيق وقالت : لا لن أغضب.فقط قل ما تريد
أدار وجهه وقال : لا..لن أقول,فسوف تغضبين بالتأكيد
قالت بغيظ : اذا لم تقل الآن فسينفجر غضبى فى وجهك
قال برجاء : أتعديننى أنك لن تغضبى منى؟
قالت بلهفة من يريد المعرفه : نعم.أعدك,أعدك أننى لن أغضب .ها قل
أطرق بخجل وقال : أنا...أنا لا أنتمى الى أى جماعه كما تظنين
نظرت اليه بدهشه وبدا واضحا على وجهها أثر الصدمه وطال صمتها فقال : ألم أقل لك أنك ستغضبين,ها أنت غاضبه الآن,أليس كذلك؟
قالت بتجهم : لقد كذبت على
قال برجاء : لم أكذب .قلت لك أننى منتمى لجماعه ,وكلنا منتمون الى جماعة المسلمين ,وأخبرتك أننى سأعرفك على قائدى الأعظم ,وقائدى وقدوتى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم...وأنت وعدتنى أنك لن تغضبى وستبدأين بالغضب الآن
قالت بضيق : لقد كذبت على,كنت طوال الوقت تسخر منى فى نفسك
قال بصدق : لا والله,ولكن ,أعجبتنى اللعبه واستمتعت بها كثيرا, كنت سعيد للغايه وانا أرى محاولاتك لعلاجى واصرارك على شفائى,كنت سعيد لأنك حقا تهتمين بى.والآن يبدو أننى أفسدت كل شئ. لقد أثرت غضبك .ستغضبين الآن منى ,وربما ألقيتى بى من فوق الصخره وتركتنى وعدتى الى بيت أبيك..ستغضبين,أليس كذلك؟
قالت بنفاذ صبر : أهذا كل ما تفكر فيه؟..لن أغضب
صرخ ممثلا الدهشه الكبيره : ماذا؟..ألن تغضبى؟لا..مستحيل,لا أصدق,بالتأكيد ستغضبين
ضاقت عيناها وهى تضغط أسنانها وتقول : لن أغضب
فقال باستفزاز : ستغضبين
ردت بتحدى : لن أغضب
فكرر ليغيظها : ستغضبين
صرخت بحده : لن أغضب
صمت قليلا وتنهد بغيظ تمثيلى وهتف بحده : يجب أن تغضبى الآن
قالت بدهشه : أنت حقا غريب,أنا لا أفهم ماذا يدور فى رأسك؟ أتكون سعيدا اذا غضبت؟
قال مباشرة : نعم.تكونين جميله جدا حينما تغضبين ,كما أننى أحب أن أسترضيك وأصالحك..والآن اذا لم تغضبى ,فلن أستطيع أن أصالحك
عقدت حاجبيها وضغطت أسنانها بقوه تحاول أن تمثل الغضب لتقاوم عضلات وجهها التى تصر باستماته على رسم ضحكة كبيرة على وجهها وهى تقول ببطء : مت بغيظك ..فلن أغضب
استلقى على ظهره بطريقه تمثيليه وصرخ قائلا : يا الهى..ماذا أفعل,لقد هزمت,فشلت فى اغضابها
صرخت بغيظ وهى تلكمه فى صدره : أيها المهرج,أنت ممثل فاشل فاشل فاشل
قفز برشاقه من فوق الصخره وانطلق يجرى على الشاطئ الخالى وصوت ضحكاته يصل الى عنان السماء
قفزت ساره وأخذت تجرى خلفه وهى تصرخ بغيظ : انتظر حتى أضع يدى عليك..سأقتلك يا على
هتف بمرح وهو يضحك ويقفز كالأطفال : نياهاهاهاها أغضبتك..أغضبتك
ظلت تجرى خلفه وتقذفه بالرمال وهو يضحك . وعندما رآها تعبت توقف عن الجرى وانتظرها حتى انضمت اليه
وقفت تنظر اليه بغيظ وهى تلهث بشده,ثم تأبطت ذراعه وسارا معا بصمت على الشاطئ الجميل والأمواج تداعب أقدامهما برفق
فجأه بدأت ساره تضحك بشده وهى تقول : لا أدرى ماذا فعلت بى, لا أصدق أنك خدعتنى بمثل هذه الطريقه الساذجه,ماذا أفعل بك الآن؟ لو كان حدث لى هذا منذ شهر واحد فقط ,لأثرت الدنيا ولم أهدأ الا اذا رددت الإهانه مضاعفه..ولكنى الآن أشعر بشعور غريب للغايه,لدرجة أننى لا أستطيع حتى أن أغضب أو أثور
جلسا معا فوق الرمال الناعمه وأخذت تدفن قدميها تحت الرمال الدافئه وهى تقول بخيبة أمل : والآن,بعد أن عرفت الحقيقه لا أدرى كيف سأكمل بحثى,وماذا سأقول لهم فى المركز ,ماذا فعلت بإجازتى؟
قال بجدية شديده : هل بدأت تشعرين بالندم على زواجك منى؟
تأملته بصمت ثم هزت رأسها بالنفى وهى تقول : أنا أيضا لدى اعتراف لك
قال بمرح : هل هذا هو اليوم الدولى للإعترافات؟
أكملت : ولكن عدنى أولا أنك لن تغضب
رفع احدى حاجبيه ومط شفتيه بمرح قائلا : يبدو أنك تتعلمين بسرعه . هل ستلعبين معى نفس اللعبه؟
تنهدت وقالت بجديه : منذ أن رأيتك وهناك شئ غريب يجذبنى اليك..استفزنى كثيرا تجاهلك وعدم التفاتك الى,وعندما رفضت الزواج منى ,تفجرت براكين الغضب بداخلى,لم أعد أفكر بالعمل ولا الأبحاث,وسيطرت على رغبة قوية للإنتقام منك
رفع على حاجبيه بدهشة كبيره لكنه لم يعلق
واسترسلت ساره فى اعترافها : وعندما علمت انك انهيت عملك فى الفيلا وسترحل ولن أراك ثانية,جن جنونى,كنت على استعداد لفعل اى شئ حتى لا ترحل,وأقسمت أن أنتصر عليك وأجبرك على الزواج بى
تنهدت بعمق وقالت : والآن ,أدركت أخيرا أنك أنت من انتصر
ابتسم بحنان وقال والحب ينضح من حروف كلماته وهو يمسك بيدها بين يديه : ساره, عندما يكون هناك زواج ,فلا مكان لنصر أو هزيمه ,هناك فقط جبهة واحدة ,بيت واحد,قلب واحد
تشابكت أصابعهما بقوة وتجمعت الدموع لتملأ عينيها وهى تبتسم بصمت, وقلبها ينبض بقوة لم تخبرها ابدا قبلا
بعد مدة هدأت مشاعرها فسألته : حقا ,لا أستطيع أن أصدق أنك لا تنتمى الى أى جماعه
قال ببساطه : لماذا؟
قالت : تصرفاتك,معلوماتك الدينيه الغزيره ,لحيتك,أسلوب معاملتك لعمالك,كنت أسمعك دائما تتحدث معهم فى أمور الدين,تأكل معهم , تصلى معهم,من أين لك بكل هذا لو لم تكن تنتمى لأى جماعه؟
تبسم قائلا : لأننى تربيت على هذا.فمنذ صغرى ألحقنى أبى بالمعاهد الأزهريه ,وحفظت القرآن كاملا على يد شيخ كبير, وعندما تخرجت فى كلية الهندسة جامعة الأزهر ,أدركت أنه ينقصنى الكثير لأتعلمه,فالتحقت بكلية الدعوة بعد أن أنهيت تجنيدى ,رغم أن التجنيد أخرنى ثلاث سنوات كامله,وعندما قابلتك كنت أفكر جديا أن أبدأ طريقى نحو الماجيستير
قالت متسائله : وماذا عن لحيتك؟
قال بمكر : ماذا؟ ألا تتلائم مع تقاسيم وجهى؟
قالت بخبث : ماذا لو طلبت منك أن تحلقها؟هل تفعل؟
هتف باستنكار باسما : لا مستحيل..الا لحيتى
مال عليها وقال متصنعا الإهتمام الشديد: أتعرفين شمشون؟ذلك الرجل الشهير الذى كانت تكمن سر قوته فى شعر رأسه
هزت رأسها متعجبه فأكمل : ان سر قوتى يكمن فى لحيتى
ارتدت للخلف بحده وضاقت عيناها وقالت بغيظ :كنت أظنك ستقول شئ جاد
قال ضاحكا : حسنا ,سأكون جاد ..لا يمكننى حلق لحيتى لأننى أعتز بها كثيرا ,فأنا أحاول أن أقتدى بالرسول صلى الله عليه وسلم فى كل أفعالى وكذلك أعتبرها مظهر من مظاهر الرجولة والوقار.هل تسبب لك أى مشكله؟
قالت بعد تفكير : لا,فقط أحاول أن أتخيل ملامح وجهك بدون اللحيه
عقد حاجبيه ونظر الى البحر ونهض من مكانه وقال باهتمام : ما هذا؟
نهضت بدورها وقالت بفضول : ماذا هناك؟
أجفلت بشده عندما صرخ فجأه صرخة عالية قائلا : يا ريس
ثم التفت اليها وقال متعجلا : المركب سترحل بدوننا ولم يبق سوى القليل على الغروب,ولن نجد مركبا أخرى تقلنا الى الشاطئ الآخر,هيا بسرعه
اختطف يدها وانطلق يجرى على الشاطئ بسرعه كبيره وهى تجرى خلفه حامله حذاءها فى يدها وهى تشعر وكأنها تطير فوق الماء وقلبها ينبض بقوة وأعماقها تتساءل مغرقه فى الدهشة : الى أين يأخذنى ذلك الرجل الغريب ذو اللحية السوداء؟
........................................