وصلا الى المركب التى غادرت الشاطئ بمسافه قصيره فتوغلا قليلا فى الماء وابتلت ملابسهما .,وساعد على ساره لتركب المركب ثم قفز خلفها.
وصلت المركب الى الشاطئ الآخر ونزلا منها وسارا لمدة طويله حتى توقفت ساره بتعب وقالت : لن أستطيع التحرك من مكانى ولا خطوة واحده ,أكاد أهلك جوعا
قال على وهو يجذب يدها : هيا ,تحملى قليلا ,كدنا نصل الى البيت
قالت : لا أذكر متى شعرت بالجوع بهذا الشكل, لقد نسينا تناول الغداء
قال على : الخدمات فى هذا الوقت من العام تكون قليله , فلم تبدأ شهور المصيف بعد,هيا لنعد الى البيت
قالت بعناد : لن أستطيع التحرك قبل أن آكل
فكر قليلا ثم قال : أتذكر أن فى هذا الشارع كان هناك مطعما للأسماك
اتجه الى أحد الماره وسأله عن المطعم ,ثم عاد الى ساره وهو يقول : كما توقعت, المطعم قريب من هنا
دخلا الى المطعم وجلسا الى احدى الطاولات وأخذت ساره تهز ساقها بتوتر متعجله وهى تقول : يا الهى,كيف لى بالصبر,رائحة السمك المشوى لا تقاوم
قال على متبسما : انتظرى حتى تتذوقيه
أخيرا جاء السمك المشوى,ومدت ساره يدها بسرعه الى الطبق,فأمسك على يدها فجأه قبل أن تصل اليه وقال : انتظرى
نظرت اليه بدهشه فضاقت عيناه وقال بلهجه محذره : ألن تتأكدى أولا أننى لم أضع لك سما فى الطعام؟
رفعت احدى حاجبيها بغيظ وضربت يده بقوه وهى تقول : حتى لو وضعت به حمض الكبريتيك ,فلن أدعك تنفرد بالسمك اللذيذ وحدك أيها النهم
وبدأ الطعام..............
والتفت كل من فى المطعم بدهشه كبيره على صوت صخب شديد ليشاهدوا ذلك الثنائى الغريب وهما يتناولان طعامهما بنهم كبير ويتخطفان قطع السمك من بعضهما البعض.واستكانت أدوات المائده فى مكانها بعد أن يأست من أن يستعملها أحدهما ,فلم يكن لديهما الوقت الكافى لذلك ,بعد أن تسابقت الأيدى لتنقذ ما تبقى فى الأطباق
وانتهى الطعام.................
وألقت ساره بخدها فوق يدها المسنده الى الطاوله وقالت وعينيها نصف مغمضتين : أشعر بالخدر يسرى فى جسدى ويزحف الى رأسى,والآن ..كيف سنتحرك من هنا ونعود الى البيت؟
رشف على جرعة ماء ووضع الكوب على المائده وظهره مستند الى الكرسى وساقاه ممدتان أمامه أسفل الطاوله وقال بكسل شديد : ما رأيك؟..هل أستدعى سيارة اسعاف؟
نهض ببطء ومد يده اليها وقال : هيا ,أعطنى يدك لنذهب الى البيت
خرجا من المطعم وهما يسيران ببطء وكسل ,وبدأت ساره تضحك بشده وتقول : أرأيت كيف كانوا ينظرون الينا؟ لا أدرى من أين أتتنى كل هذه الجرأه لأفعل ما فعلته ؟صاحب المطعم لن يسمح لنا بارتياد مطعمه مره أخرى بعد أن رآنا نأكل بهذه الطريقه
ضحك على قائلا : على العكس ,سيرحب بنا بالتأكيد ,فمن أين له بزبائن مثلنا يأكلون سته غداء فى وجبة واحده؟
قالت بدهشه : لم أكن أصدق ان بامكانى التهام كل هذه الكميه من الطعام
قال منذرا : لم أكن أعرف أننى متزوج من حوت...سيكون حسابى معك عسيرا على ما فعلتيه
قالت بدهشه : عن ماذا تتكلم؟؟
قال بغيظ : عن البطروخ الذى سرقتيه من بطن سمكتى...لن أسامحك أبدا
ضحكت قائله : لقد كان لذيذا..كما أننى كنت جائعه للغايه
قال : لدينا مثل يقول ..الجوع كافر
قالت وهى تبتسم : أصدق ذلك تماما بعد ما كابدته اليوم
...........................................
فى اليوم التالى ............
اصطحبها على الى شاطئ عجيبه ..أروع الشواطئ فى مرسى مطروح وأكثرها سحرا على الإطلاق ..وربما فى ساحل البحر المتوسط بأكمله
جلس الإثنان فى صمت يتأملان ذلك الجمال الربانى الساحر
البحر بكل درجات الزرقه يعانق سماء صافيه تتراقص فيها قطع السحب التى تلمع تحت أشعة شمس ساطعة الضياء
كان مشهدا يخلب الألباب ويأخذ القلوب بروعته
قالت ساره بتأثر : لم أكن أعلم أن فى مصر مثل هذا الجمال
تنهد على وقال بنشوة : سبحان الخالق المبدع ,كلما نظرت الى صنع الله واهب الجمال للكون ..أستشعر قدرة الله وعظمته , تلك القدرة التى تنحنى لها الجباه وتخر النفوس ساجده
أصابتها قشعريره غريبه من كلماته وقالت بحنين : الحياه جميله للغايه , كيف يستطيع أى انسان له قلب وعقل أن يفسد ويدمر مثل هذا الجمال؟
طالت لحظات الصمت والتأمل لفترة طويله حتى قطع على الصمت أخيرا والتفت اليها قائلا :هل فكرت ماذا ستفعلين فى أبحاثك؟
قالت بهدوء : لم أفكر بعد ,ولكن الحل الوحيد أمامى هو أن أبدأ من جديد وأبحث عن عينات للدراسه
قال بلهجه تسيل منها السخريه سيلا : عينات ملتحيه؟ وربما سيدات منتقبات أيضا؟
عقدت حاجبيها وقالت بضيق شديد : الا ترى أن أسلوبك لاذع أكثر من اللازم؟
ظهر على وجهه الأسف وقال بلهجة معتذرة : آسف , ولكنى ضد الحكم على الناس من خلال مظهرهم وملابسهم
عقدت حاجبيها وقالت بدهشة غاضبه : ومن قال لك أننى أفعل ذلك؟
قال بشئ من الحده : أنا لا ألومك , فالعالم بأجمعه الآن يربط بين المظهر الإسلامى والإرهاب, فكل منتقبه هى فى عيونهم ارهابى متنكر وكل ملتحى يحمل تحت ملابسه حزاما ناسفا
قالت بحده : قلت لك من قبل أننى لست بهذه السطحيه فالمظهر لا يعنى شيئا بالنسبة لى ,بل يعنينى الفكر والعقيده التى يحملها صاحبه
صمت قليلا وظهر على وجهه الغضب , ثم تمالك نفسه سريعا واستعاد هدوءه وقال : أتريدين رأيى الشخصى؟ان أردت معرفة كيف يصنع الإرهابى يمكنك الذهاب الى جوانتانامو أو أى معتقل آخر أمريكى سرى فى أى دولة فى العالم يمتلئ بأشخاص لم يحاكموا ولم تثبت ضدهم سوى تهمة واحدة ,أن مكتوب فى بطاقات هوياتهم ..مسلم
صمتت قليلا ثم قالت بعد تفكير : نعم .أعلم تماما أن هناك علاقة وثيقه بين الظلم والقهر وبين الإرهاب ..ولكنى أدرك أن هناك أمور أخرى أشد تأثيرا على عقل الإنسان
هز رأسه بعصبيه وقال بابتسامة ساخره : نعم..وهذه الأمور تتعلق بالإسلام
هتفت بحده : لا تتعلق بالإسلام بقدر ما تتعلق بالهوس العقائدى والمعتقدات الخاطئه...اذا أردت أن تصنع ارهابى فالظلم والقهر وحدهما لا يكفيان,بل يجب أن تسيطر على عقله وتجعله يؤمن أن الخلاص الوحيد من الظلم والشر فى العالم هوالعنف والإرهاب وقتل الآخرين
تنهدت بحزن وقالت بتأثر بالغ : الدليل على ما أقول ,جريمة رأيت آثارها بعينى وقمت بدراستها
لم يقاطعها على عندما صمتت قليلا وابتلعت ريقها وقالت : (فى أحد الأعوام فى اليابان قام سته من الشباب اليابانيين ينتمون لجماعة متطرفه تسمى جماعة (أوم)بنشر غاز السارين داخل ستة قطارات مختلفه لمترو الأنفاق فى طوكيو)*..أتعلم ما هو السارين؟
عقد حاجبيه وقال باهتمام كبير : غاز الأعصاب؟
هزت رأسها وقالت بألم : نعم ..قاموا ببساطة مميته بقتل العشرات واصابة المئات بتأثير الغاز المدمر..لقد ذهبت الى اليابان بنفسى والتقيت بمجموعه من الضحايا مازالوا على قيد الحياه والتقيت أيضا ببعض من المنتمين لهذه الجماعه التى تحمل أفكارا غريبه وشاذه ,كانوا يعتقدون انهم بقتلهم الأبرياء سيطهرون العالم من الشرور والآثام..الغريب أن السته الذين قاموا بارتكاب تلك الجريمة الرهيبه كانوا من أفضل العقول فى اليابان وحاصلين على أفضل المراكز ,وبعضهم كان فى جامعة المتفوقين..أتصدق هذا؟
قال بجديه وتأثر : نعم أصدق,أصدق أن أى عقل خالى من العقيدة الصحيحه يمكن ملئه بمعتقدات فاسده والسيطرة عليه وتوجيهه للشر بكل سهوله
أصدق أن قلبا لا يمتلئ بالإيمان الحقيقى لن يعرف قيمة الحياه ولن يردعه شئ عن ارتكاب المعاصى والآثام وأبشع الجرائم
من لديهم ايمان راسخ وعقيدة قوية تحميهم يؤمنون تماما أنه لا يجوز لهم الإنتقام من الأبرياء الذين لم يسيئوا اليهم وان العداله الحقه هى عدالة رب السماء الذى حرم الظلم على نفسه وجعله محرما بين العباد
ان من يعرف الله حقا ويتبع رسوله يؤمن بأن الأصل فى الإسلام هو التسامح بل والعفو حتى عمن ظلمنا لأن حياته صلى الله عليه وسلم كانت سلسله متصله من التسامح والعفو
أصدق أن من لا يخاف الله..فممن يخاف؟
قالت بتأثر كبير : هل تظن أن الإيمان يمكن أن يحمى قلب الإنسان وعقله من الشر والوقوع فى الخطأ وارتكاب الجرائم؟
قال بابتسامة حانيه : وهل تظنى أنتى العكس؟
دمعت عيناها خفضت رأسها وأغمضت عينيها وظهر الألم فى ملامحها,فسألها بلهفه : ساره ,ما بك؟ هل تعبت؟
قالت بصوت واهن وهى تمسك برأسها : لا,ولكن الشمس قوية للغايه ,والرمال البيضاء تعكس الضوء المبهر وتلقى به فى العين مباشرة
قال بحنان : هل نعد الى البيت لترتاحى؟
هزت رأسها بالنفى فقال : ما كان يجب أن تنسى نظارتك الشمسيه اليوم
أكمل وهو يخلع نظارته عن عينيه : خذى نظارتى
قالت مباشرة : لا انها تغير ألوان الأشياء,وأنا أريد أن أرى كل شئ بوضوح
صمتت قليلا ثم قالت : أظن أننى بدأت أعتاد ذلك النور الساطع.. عجبا,لقد بدأت أرى أشياء جديده لم أكن أراها من قبل
لا أذكر متى رأيت الشمس ساطعة وقوية بهذه الطريقه؟
ابتسم بحب كبير وأمسك يدها وشبك أصابعها بين أصابعه وعادا يتأملان تلك اللوحة الربانيه الخلابه,وبعد طول صمت قالت ساره بصوت يملؤه الشجن : كلما نظرت فى المرآه أتساءل من هذه الطفله التى تبدو لى وتتكلم بلسانى وتسكن جلدى؟
الآن فقط عرفتها ..هى نفس الطفلة التى كانت تسير دوما بجوار سيده ريفيه تخفى جمالها بالحجاب وتذهب الى المسجد لتتعلم كيف تقرأ القرآن ,كانت أمنية حياتها أن تحفظ القرآن كاملا ..ولا ينطق لسانها الا بالدعاء أن يحفظ الله طفلتيها
رفع على حاجبيه وأخذ يتأملها بدهشة عظيمه
نظرت اليه وقالت بغرابه : أنت أول انسان أخبره بذلك
لا أدرى لم أنت بالذات الذى أستطيع التحدث أمامه بتلك الأشياء
ابتسم قائلا : هل بدأت تثقين بى أخيرا؟
نظرت الى البحر وقالت بجديه : لم يحظ بثقتى المطلقه فى هذا العالم سوى شخصين اثنين
قال بدهشه : اثنين فقط؟
قالت : نعم . فمعيار الثقه عندى يرتبط بالصدق وكلما كان الإنسان صادقا كلما ازدادت ثقتى به..وليس من السهل فى هذا الزمان أن تجد الكثير من الصادقين
قال بمرح : بالتأكيد أنا أحدهما
ابتسمت قائله : نعم,ولكن صدقك شديد الإستفزاز
والثانى ,هو جيف..أقصد د.جيفرى باركلى
اختفت ابتسامته وعقد حاجبيه بدهشه : عجبا.كنت أظن الثانى هو أباك
ظهر على وجهها الإرتباك وأدارت عينيها الى البحر لتهرب من نظراته الكاشفه ثم قالت بعد صمت : جيف هو استاذى ومعلمى وساعدنى كثيرا عندما كنت فى أمريكا
كان أستاذى فى الجامعه وكان معجبا بتفوقى وذكائى وساعدنى كثيرا فى دراستى,وبمجرد أن أنهيت دراستى أوجد لى عمل فى المركز وفعل كل هذا بلا مقابل
قال على باهتمام : يبدو أنك كنت متفوقه للغايه
ابتسمت قائله بفخر : لقد تفوقت على كل زميلاتى فى المنحه رغم أن أغلبهن من عائلات ذات مناصب رفيعه فى بلادهن كما أخبرتك ..كنت الأفضل دائما,وهذا ما جعل جيف يهتم بى لدرجة أننى عندما أصبت ببعض نوبات الإكتئاب التى أثرت بشكل ملحوظ علىمستوى تحصيلى الدراسى,أرسلنى الى طبيب نفسى قريب له وقام بعلاجى بأحدث الأجهزه والتقنيات الطبيه الحديثه
وحتى الآن يساندنى, وسوف يرشحنى لرئاسة فرع المركز فى مصر
اختفت ابتسامته تماما وظهر على وجهه التفكير العميق وأدار وجهه الى البحر شاردا
فسألته بدهشه : على..هل هناك ما يسوء؟
تنهد بقوه ونظر اليها وابتسم ابتسامه مغتصبه وقال : يبدو أننى بدأت أغار
ابتسمت قائله : ان جيف هو استاذى ومعلمى ولا شئ أكثر من ذلك
هز رأسه بشرود وعاد ينظر الى البحر وهو يردد : لا شئ أكثر من ذلك ... نعم أصدقك تماما...
أدارت وجهها هى الأخرى وأخذت تتأمل البحر ولكنها سمعت صوتا جعلها تلتفت اليه وتسأله : كلما حركت ساقك أسمع صوت غريب يصدر من ملابسك..ما هذا الشئ؟
نظر اليها بتساؤل وقال : ماذا فى ملابسى؟
ضاقت عيناها وقالت بلهجه آمره : على..حرك ساقك
حرك ساقه فسمعت صوت خرفشه يصدر من جيبه فابتسمت بمكر وقالت : والآن ,أرنى مافى جيبك
قال بارتباك : ماذا؟..لا ..لاتفعلى
مدت يدها عنوة تبحث فى جيبه واتسعت عيناها بذهول وهى تخرج من جيبه حلوى ومصاصات ولبان للأطفال
ابتسم بخجل وقال : انها عاده قديمه لا أستطيع التخلص منها.. فعندما كنت أخرج مع اخوتى وهم صغار الى أى مكان كنت أملأ جيبى بتلك الأشياء حتى أستطيع اسكاتهم اذا ما بكى أحدهم
تأملت الحلوى بين يديها بشرود وقالت والدهشة مازالت تملأها : أدركت الآن ما هو الشئ الغريب الذى جذبنى اليك فى أول مرة أراك فيها,انها الرائحه التى كانت تفوح من جلبابك الأبيض...نفس الرائحه التى اعتدت أن أشتمها عندما يضمنى جدى بين أحضانه كلما أخذتنى أمى لزيارته فى قريتها وأنا طفله
قالت بكلمات تقطر الشوق والحنين وهى تنظر بعيدا : يا الهى... كيف أنسى ذلك؟..كنت أشعر بين أحضانه بدفء وأمان بلا حدود, وعندما كان يجلسنى على ساقه وأنا مازلت فى الثامنه ويتركنى أعبث بلحيته البيضاء كالحليب وهو يغنى لى بصوته العجوز الغليظ أغنيه لا أتذكر كلماتها ولكنها تتحدث عن الكعبه والشوق لرؤياها وكان يحلو لى دائما أن أضع يدى فى جيب جلبابه لأستولى على ما به من حلوى
عصرت الحلوى بين أصابعها بقوه وهى تغمض عينيها بألم لتسيل دموعها أنهارا على خديها ,فأمسك على يديها وقال بقلق بالغ : ساره,هل أنت بخير؟
أكملت وكأنما لم تسمعه : لقد مات بعد أمى بفترة قصيره..مات وأنا فى المدرسة الداخليه,لم أستطع أن أسامح نفسى أبدا لأننى لم أزوره فى مرض موته,لذلك حاولت أن أنساه بكل ما أستطيع من قوة حتى لا يقتلنى الألم
هزها على برفق وهو يقول بلهفه : ساره يكفى هذا
فتحت عينيها وأخذت تتأمل ملامح وجهه بدقه وهى تقول بتأثر : ان بعض منك يشبهه, منذ أن رأيتك وأنا أشعر أن هناك شئ بداخلى يؤلمنى ولا أستطيع أن أخرجه,ليـ...
قاطعها بحنان بالغ : هشششش يكفى هذا ,هيا لنعد الى البيت,فأنت بحاجه الى الراحه.
............................................
لحلقة الثانية عشر
( 12 )
قطعت ساره الدرجات القليله لسلم مدخل فيلا والدها قفزا وخلفها على يتبعها باسما مرتديا حله أنيقه ومسبحته فى يده بعد ان عادا من رحلتهما الى مرسى مطروح
وضعت ساره يدها على جرس الباب ولم ترفعها الا عندما فتحته الخادمه ,فاندفعت ساره الى الداخل وسلمت على الخادمه فى عجله وسألتها عن سماح وهى تتجه بسرعه الى السلم المؤدى للدور العلوى,لكنها توقفت عندما فتح باب المكتب ليبدو والدها من خلفه وعلى وجهه امتزجت الدهشة بالفرح وهو ينظر فى وجهها الذى تورد وازدهر بفعل الشمس والجو النقى
واندفعت تسلم عليه بحراره وتقول والسعادة تنطق من ملامحها : أبى ,كيف حالك؟ اشتقت اليك كثيرا..أين سماح؟
وقبل أن يجيب عن سؤالها سمعت صوت سماح وهى تصرخ بفرح : ساره
تلقفتها ساره بين ذراعيها وضمتها بحنان وشوق كما لم تفعل من قبل..وقال على بتهذيب : مرحبا سماح ..كيف حالك وحال وائل؟
نظرت اليه شذرا من خلف كتف اختها ولم تتكلم
جذبتها ساره من يدها لتصعدا السلم الى الدور العلوى معا قفزا وساره تهتف بحماس : تعالى لأريك ما جلبته لك
تعلقت عينا الأب بالفتاتين والدهشة تغرق ملامحه حتى اختفتا ,فانتبه فجأه الى أنه لم يسلم على على فالتفت اليه وسلم عليه بحراره ودعاه للجلوس فى حجرة المكتب
أما الأختان فبمجرد أن دخلتا الى حجرة سماح حتى ارتمت سماح على الفراش وأخذت تراقب ساره بدهشه كبيره وهى تفتح الحقائب البلاستيكيه الكثيره التى جلبتها معها وهى تقول والسعادة تنسكب من عينيها : انظرى..ما رأيك فى هذا؟.وهذا؟. هل يعجبك هذا؟.
أخذت سماح تتأملها بدهشه ثم سألتها عندما لاحظت شئ غريب يلتف حول رسغها : ما هذا الذى حول رسغك؟
نظرت ساره الى السوار الذى يدور حول رسغها وقالت بفرحه : انه سوار من الأصداف .اشتراه لى على من مرسى مطروح..أليس جميلا؟
ظهر على وجهها العجب وقالت باستنكار : أصداف !!
لم تهتم سماح للهدايا التى جلبتها ساره لها وأخذت تمطرها بالأسئله القلقه : كيف حالك؟.وكيف قضيت اجازتك؟.لماذا هاتفك المحمول مغلق باستمرار؟.هل أخذه منك؟.هل هو لطيف معك؟.هل يضايقك؟.هل يهينك؟.هل يجبرك على شئ؟؟
قالت ساره بدهشه : ما كل هذه الأسئله؟؟لم يحدث شئ من هذا
قالت سماح بفضول : لماذا يجبرك على ارتداء الحجاب اذا؟
قالت ساره بدهشه عظيمه : من قال لك هذا؟.بالتأكيد لم يجبرنى على اى شئ
قالت سماح بمكر : تريدينى ان أصدق انك تلبسينه لأنك مقتنعة به؟
قالت ساره بارتباك : لم أقل هذا
قالت سماح بحده : أرأيت ..لقد كان ظنى فى محله,هو الذى أكرهك على ارتدائه
ساره بحده : قلت لك لم يفعل
هتفت سماح : لماذا ترتدينه اذا؟
صمتت ساره قليلا ,ثم ابتلعت ريقها وقالت : لأننى أريد ذلك
سماح بضيق : ساره ,لم تخفين عنى الحقيقه؟ نستطيع اصلاح الأمر..أعلم انك لن تتحملى سيطرته ومعاملته السيئه طويلا
هتفت ساره بحده : من وضع تلك الأفكار السخيفه فى رأسك؟
هتفت سماح : هل غيرت رأيك بسرعه ؟ أليس هوهو الإرهابى , السيكوباتى,ذو اللحية السوداء؟
أليس هو من يحرم عليك استخدام هاتفك المحمول؟..أليس هو من يرفض أن تقودى سيارتك ,وحرم عليك الخروج لعملك؟
حدقت ساره بها طويلا بصمت وعينيها تتسعان من الدهشه ثم خفضت عينيها وأخذت تفكر قليلا وقالت وقد بدأ يظهر على وجهها عاطفة جياشه: على !!
ضحكت ضحكه قصيره حنون وهى تكمل : انه طفل كبيرلايكف عن اثارة الضحك والمرح فى اى وقت..انه يهتم لأجلى ويخاف على
تأملت سماح بذهول نظرة الحنان التى ملأت عينيها والابتسامة الحالمة التى ارتسمت على شفتيها وهى تكمل : مهما قلت لك فلن تتخيلى كم الحنان والعطف الذى يحمله هذا الرجل فى قلبه
تنهدت بحنين واستدارت تنظر من النافذه بشرود وصمت .
اقتربت منها سماح وأطنان من الدهشة والعجب تملأ عقلها ووقفت بجوارها وأطلقت العنان للسؤال الذى ظل حبيسا بداخلها منذ أن قدمت اختها : هل انت حقا ساره !! أكاد لا أعرفك
ابتسمت بوجد وهى تقول : أنا ايضا اكاد لا أعرف نفسى
كادت سماح تقول شئ لكنها غيرت رأيها عندما وقعت عينها على سيارة على فى الحديقه ,فهتفت بدهشه : كيف تركبين مثل هذه السياره الصغيره القديمه؟
نظرت ساره الى حيث تنظر سماح وقالت ضاحكه : فركوكه؟؟
تساءلت سماح بدهشه : ماذا؟؟
أعادت ساره بمرح : فركوكه..أحمد يسميها فركوكه..ليتك كنت معنا أثناء عودتنا من مرسى مطروح ..تعطلت فى الطريق ,وكنا نتناوب دفعها حتى وصلنا الى محطة البنزين,وبعد أن..
قطعت قصتها عندما أتت الخادمه تطلب منها النزول لأن على ينتظرها ليرحلا
قفزت ساره من مكانها وبدا عليها العجله والإرتباك الشديد وتناولت حقيبتها وطبعت على خد أختها قبله سريعه وهى تقول : سماح ,أراك قريبا,وداعا
واختفت من الحجره وسماح تقف مذهوله ,لكنها عادت فجأه ووقفت على باب الحجره وقالت بلهجه ذات مغذى : سماح,نسيت أن أخبرك ,فغدا تنتهى اجازتى وأعود للعمل ,على لن يستطيع توصيلى لأنه سيكون مشغول بعمله لذلك سأذهب بسيارتى الخاصه .. حدثينى على هاتفى المحمول ,فلن يكون مغلق بعد الآن ..أرك قريبا..وداعا
ألقت اليها بقبله فى الهواء ورحلت مسرعه
وقفت سماح فى مكانها تنظر الى المكان الخالى الذى كان ممتلئا بساره من لحظات وهى لا تكاد تصدق ان هذه الفتاة المرحه المتفجره بالسعاده هى حقا اختها
جرت الى النافذه تتطلع الى اختها وهى تنزل درجات سلم مدخل الفيلا وهى متعلقه بذراع زوجها وجانب وجهها يشرق بابتسامه رائعه وهى تتحدث اليه بحب
تناولت سماح هاتفها المحمول وطلبت رقما وانتظرت الرد وعينيها متعلقه بالمشهد الذى امامها,وعندما سمعت صوت الطرف الآخر قالت برجاء وبصوت اقرب للبكاء : وائل..متى سنتزوج؟
اسمع ,يجب ان تأتى الليلة وتحدد مع ابى موعد الزفاف .سأنتظرك
هتفت بسرعه قبل ان يغلق الهاتف : انتظر
تأملت اختها وهى تقفز الى السياره بجوار زوجها وقالت وعينيها تلمعان وكأن عقلها ومض بفكرة مفاجأه : مارأيك ان تربى لحيتك؟..أظنك ستصبح أكثر وسامه
وصل العروسان الى البيت الثانى..بيت عائلة على
وبمجرد ان فتح الباب وماكاد على يسلم على أمه حتى تعلقت هبه أخته بذراعه وجذبته الى حجرة المعيشه وهى تهتف باهتمام كبير : تعالى اريد ان احادثك فى أمر هام
وصلت الى الأريكه فارتمى على عليها بحركه تمثيليه وهو يتأوه
وكأن هبه دفعته ليسقط على الأريكه ثم جلست على المنضده الصغيره أمامه مباشرة
انضم الباقين اليهما واتخذ كل منهم مجلسه وهم ينظرون الى هبه بدهشة وتساؤل..ولكن الأم ذهبت الى المطبخ لتعد بعض الحلوى والمشروبات
رفع على احدى حاجبيه بعجب وقال مداعبا : ياللذوق الرفيع والإستقبال الحافل..هل كنا معا ليلة امس نتناول العشاء ونشرب البليله؟!!
قالت هبه باهتمام كبير وهى تبتلع ريقها وكل عضلة فى وجهها تنطق بالإثاره : دعك من المزاح الآن واسمعنى جيدا
اقترب على من هبه وعقد حاجبيه ورسم على وجهه الإهتمام الكبير وهو يقول بصوت خفيض : قل يا زعيم..كيف سنسرق البنك؟
ضحك أحمد وساره بينما انتفضت هبه غضبا وقالت صارخه : كف عن دعاباتك السخيفه واسمعنى
قالت بهدوء ومازال الإهتمام يعلو ملامحها بعد ان صمت على مستمعا اليها : بما انه لم يبق علىالإمتحانات سوى وقت قصير للغايه وبما اننى من المتفوقين وسأحصل على المجموع الذى سيلقى بى حتما فى كلية الهندسه مباشرة, وبما اننى معروفه من أصغر المخلوقات الى أكبرها فى مدرستى
لكل تلك الأسباب ..فلقد رشحونى فى المدرسه فى منحه للسفر الى أمريكا لمدة شهر فى اجازة الصيف
هتفت ساره : هذا رائع..مبارك يا عزيزتى
أما على فقد صمت تماما واختفت ابتسامته المميزه تدريجيا وحل محلها بعض الدهشه ممزوجه بالقلق الذى نجح هو ببراعه فى السيطرة على ملامح وجهه ليخفيه عن الجميع..الا ان ساره استطاعت ان تلاحظه
قالت هبه متعجله عندما طال صمت على : ها ..ما رأيك؟
حك على لحيته بتفكير وقال بتردد : احم ..هذا جيد,ولكن الأمر يحتاج الى بعض التفكير والمشاورات والمداولات
نظر الى امه التى اتت فى تلك اللحظه تحمل بعض الحلوى والمشروبات ثم عاد وسأل هبه : وما رأى امى؟
التفتت هبه الى امها التى هزت رأسها نفيا دون ان تتكلم ,فظهر على وجهها خيبة الأمل وهى تقول : لم توافق
قال ببساطه : اذا اصبحنا اثنين
تجمدت ملامحها وظهر على وجهها أثر الصدمه , ولكنها عادت تحاول من جديد,وترجوه ان يوافق ,ولكن رأيه كان شديد الصلابه,وبرغم ان هبه كانت قويه فى اصرارها,لحوحه فى طلبها,لكن على لم يتزحزح عن موقفه قيد أنمله,وبرغم انه كان يحاورها بهدوء ولطف ,لكنه قال فى النهايه : يا عزيزتى ,ان كنت تستطيعين الإبتعاد عنا شهر كامل ,فنحن لا نطيق فراقك يوم واحد. الرفض جاء من جهتين ,أنا وأمى..اذا فالأمر منته
نظرت اليه ساهمه,ولاحت أنهار الدموع قادمه من عمق عينيها, وعندما بدأت تقترب,اندفعت هبه متجهه الى غرفتها بسرعه,دون ان تقول اى كلمه
زفر على بضيق,ولاح التأثر فى ملامحه,وبادرته ساره لائمه : لم فعلت ذلك؟ لقد كانت سعيده بالسفر للغايه
تأملها على وقال فى هدوء : هبه لا تزال صغيره ,وأخاف ان يحدث لها مكروه وهى بعيدة عنى
هتفت بدهشه : لكن الأمر ليس كما تظن ,فسيكون معها مجموعة كبيره من زميلاتها فى المدرسه ,ومن مدارس اخرى أيضا ,خلاف المعلمين والمشرفين,وعندما تصل هناك ستجد من يتولى رعايتها ويكون مسؤلا عنها,وسيختاروا لها أسرة محترمه لتعيش وسطهم طوال فترة سفرها..أى أن الأمر آمن تماما
ضاقت عينا على وظهر على وجهه التفكير العميق
أما الأم فقد اندفعت تسألها بدهشه عظيمه : كيف تعرفين كل هذا ؟...هذه الأمور لا يعرفها سوى العاملين فى التربيه والتعليم وأولياء الأمور الذين خاض أبناءهم هذه التجربه من قبل
قالت ساره ببساطه : لأن مشروع (تواصل)هو أحد المشاريع التى أطلقها المركز بالتعاون مع وزارة التربيه والتعليم كنوع من التبادل الثقافى والتقارب بين شعوب العالم
نظرت اليها الأم بدهشة وصمت وأخذت تقلب عينيها بينها وبين على,فقال على منهيا الحوار وقاطعا ساعات من الجدال : ومع كل هذا فلن نوافق على سفرها وحدها
نظرت اليه ساره بدهشه ,لكنه نهض من مكانه ورفع احدى حاجبيه ورسم الشر فى ملامحه ووجه نظره تجاه باب غرفة هبه وهو يشمر عن ذراعيه وقال بصوت غليظ مخيف : امى..هل العصا الخيرزان السميكه لا تزال فى مكانها فوق خزانة الملابس؟؟
قالت الأم بدهشه : نعم,لماذا؟
هز رأسه ومط شفتيه وهو يكمل : حسنا ,دعيها مكانها,كنت فقط أطمئن
واتجه باشرة الى حجرة هبه مخلفا وراءه ابتسامه على وجه أمه ودهشة كبيره فى عقل ساره
..............................................
دخل على الحجره فوجد هبه تجلس الى مكتبها الذى يقع بجوار النافذه , عاقده ذراعيها على المكتب ومسنده ذقنها فوق رسغها, ودموعها تسيل بغزاره وصمت,فوقف بجوارها مستندا الى ظهر المكتب ,وقال بلطف مداعبا اياها : لم نتفق على هذا يا كابتن ,هل يبكى الرجال؟
قال عندما لم يتلق ردا ولم تنظر اليه : هبه ,لم يكن الأمر مفاجأة لك,كنت تعلمين اننا لن نقبل بسفرك وحدك,أليس كذلك؟
هزت رأسها موافقه دون ان تنظر اليه ودموعها تسيل بغزاره
هتف وهو يهز كتفيه : اذا ما الجديد فى الأمر؟ لم كل هذه الدموع؟ تعلمين اننى أكرهك عندما تبكين
مد أنامله الى خدها ومسح دموعها ,ثم نظر الى اصابعه المبتله من دموعها ومط شفتيه وهو يقول : دموعك زلقه,قلت لك مرارا اغسلى وجهك جيدا قبل الإنخراط فى البكاء
لم تضحك ولم تكف عن البكاء ,فتنهد بعمق وقال : ستضطرينى لإفساد المفاجأه التى كنت أعدها لك,لقد قررت ان تعملى معى فى الشركه,لتتدربى على أصول وخبايا المهنه,واذا أظهرت كفاءه ونجابه,فسأعينك سكرتيرتى الخاصه
سنكون ثنائى رائع ,وقد نخرب الشركه ونجعل عاليها سافلها
التفتت تنظر اليه ومسحت دموعها وهى تسأله : حقا؟
قال وهو يبتسم بحنان : هل كذبت عليك قط؟
هزت رأسها بالنفى,فقال وهو يمد يده اليها مصافحا : اذا هل اتفقنا يا اسطى بليه؟
هزت رأسها بالموافقه وهى تبتسم ومدت يدها لتصافحه
فحرك يده بعيدا عن يدها ,فحركت يدها ثانية تجاه يده لكنه اخذ يحرك يده يمنة ويسرة بسرعه كبيره مداعبا ,حتى عجزت عن الإمساك بيده ,فصرخت بغيظ وأطبقت بكلتا يديها على يده وصافحته وهى تضحك ,فضحك ايضا ,ثم مسح على شعرها بحب بالغ وهو يطبع قبله حانيه على جبينها ..........................................
بمجرد ان دخل على وساره الى بيتهما,هتفت ساره مباشرة : لم أشأ أن أتحدث معك أمام هبه ,ولكنى أعجب حقا من موقفك ! لماذا لا تدعها تسافر؟
دخل مباشرة الى المطبخ دون أن يرد وفتح الثلاجه,وتناول زجاجة مياه مثلجه ثم تناول كوبا فارغا من على المنضده وسكب بعض الماء وشرب حتى ارتوى,وانتظرت ساره ان يرد ,لكنه وضع الزجاجه مكانها,وأخذ ينظر داخل الثلاجه وكأنه يبحث عن شئ وهو يسألها : هل نفذت الفاكهه؟أريد برتقاله
نظرت اليه بدهشه وقالت ببعض الحده : على..لماذا لاترد على سؤالى؟
قال ومازالت عينيه داخل الثلاجه : أبحث عن بعض الفاكهه أو العصير
زفرت بضيق وأغلقت باب الثلاجه بعصبيه ووقفت أمامه مباشرة وسألته : على ,لا تتهرب من سؤالى..أريد أن أعرف لماذا لم تسمح لهبه بالسفر؟
قال ببساطه : لأن فى جماعتنا القائد الأعظم لا يوافق على سفر المرأه وحدها دون محرم
عقدت حاجبيها وقالت بغضب : على ,كفاك مزاحا
قال بهدوء : الا تصدقين؟ الشرع يمنع المرأه من السفر وحدها دون محرم لمسافة كبيره
قالت بشك : حقا؟
أجاب بجديه : نعم,هناك فقط بعض الإستثناءات الضيقه,كأن تسافر لقضاء فريضة الحج بشرط أن تكون مع مجموعه من النساء,وأن تكون الرحله آمنه,وأن تكون المرأه كبيرة السن
حتى هبه الصغيره تدرك هذا الأمر,ولكنها كأى فتاه فى عمرها تأمل وتحلم وتتمنى,وتضعف أمام الإغراءات
ضحكت ضحكه عصبيه مغتاظه وقالت بضيق : لا أصدق انك تفكر بهذه الطريقه,أتمنع أختك عن العلم من أجل هذا السبب؟
ابتسم ابتسامه دبلوماسيه وحافظ على هدوءه وهو يقول : عزيزتى, لم يعد العلم حكرا لبلد دون الأخرى,فثورة الإتصالات جعلت العالم كله مرتبطا ببعضه ,وتبادل المعلومات أصبح متاحا بطرق أخرى خلاف السفر كالدش والإنترنت, ويمكن ان تحقق هنا ما سيحققه لها السفر,بإمكانها أن تتعلم كل شئ وهى فى مصر,
لم يعد من الضرورى ان نذهب اليهم ..فلقد أتوا هم الينا
هناك الجامعه الأمريكيه وغيرها من الجامعات الأوربيه الموجوده فى مصر, ويمكنها اختيار نوع التعليم الذى تريد
زفرت ساره بضيق وقالت : حقا..لا أستطيع أن أستوعب طريقة تفكيرك,ونحن فى القرن 21 تمنع المرأه من السفر رغما عنها لمجرد ان الشرع لا يقر سفرها !!
أصدق ان هذا كان فى الماضى عندما كانت الطرق غير آمنه ووسائل الإتصالات شبه معدومه, لكن الآن..يستطيع الإنسان السفر الى ابعد مكان فى العالم وهو على اتصال يوميا24 ساعه بعائلته
تأملها طويلا بصمت..كان يحاول تجنب خلاف وصدام قد يحدث مبكرا جدا ..تنهد بعمق وقال بهدوء : ساره, تعلمين تماما ان كل افعالى وتصرفاتى خاضعه لمنهج واحد لا أستطيع مخالفته..ان هبه مسئولة منى,أتعلمين معنى كلمة مسئول؟
معناها أن الله سيحاسبنى على كل صغيرة وكبيرة بشأنها.ولن يحاسب أحدا غيرى
ولأنها جنة ابدا أو نار أبدا,فلا أحد يملك اتخاذ مثل هذا القرار سواى,لأننى اذا ما أخطأت ,فلن يدخل النار أحد بدلا منى
كانت تنظر اليه مشدوهه..لا تنطق.. مسح على خدها بحنان مداعبا وهو يبتسم ,ثم تركها متجها الى الصاله,لكنه تسمر فى مكانه والتفت اليها عندما قالت : وماذا عنى؟
أكملت بتردد عندما نظر اليها متسائلا : ماذا لو..لو ..طلبوا منى فى المركز أن أسافر الى الفرع الرئيسى فى نيويورك
سألها فى هدوء : وهل طلبوا ذلك بالفعل؟
قالت : لا ليس بعد ,ولكن ما....
قاطعها قائلا : اذا لنؤجل مناقشة هذا الأمر حتى يصبح واقعا
اقترب منها عندما رأى القلق يلوح من عينيها ,وعندما وقف أمامها مباشرة نظر فى عمق عينيها وقال بلهجة حانيه : ساره , أعلم ان بيننا خلافات فكريه كبيره ولن نستطيع تجاوزها بسهوله, ولكن ,بيننا أيضا شئ أكبر وأعمق بكثير من تلك الخلافات,لذلك فعلى كل منا محاولة التنازل قليلا للآخر,لنتجاوز معا تلك الخلافات
قالت بعصبيه : تقصد أن أتنازل أنا فقط
هز رأسه نفيا وقال بعاطفه : بل يتنازل أكثرنا حبا للآخر
احمرت وجنتاها وظهر التأثر فى ملامحها وقالت : ولكنك لا تتنازل ابدا
قال بحب : لآننى أعلم انك أفضل منى بكثير,وبما أننى طفل كبير كما تقولين دائما فأنا بحاجه ماسه لأن أشعر بحبك الدائم لى
تعلقت بعينيه وازداد احمرار وجنتيها اشتعالا وهى تقول بلطف : أظنك طفل مدلل أيضا
قال : ومع ذلك سأثبت لك أننى أيضا أتنازل ..أغمضى عينيك
أغمضت عينيها ولم تفتحهما الا عندما طلب منها ذلك ,ابتسمت بسعادة كبيره عندما وجدت أمامها باقه جميله من الزهور,وفشلت تماما فى السيطره على الحريق الذى شب فى وجنتيها وتسارع دقات قلبها..تناولت منه الباقه وهى تقول بارتباك : على ,أنا..أنا..
ابتلعت ريقها وتنهدت وهى تبتسم بحب وتقول : تستطيع بسهوله ادارة دفة المناقشات الى الوجهه التى تريدها
وانا لسذاجتى ,أنصاع اليك متظاهره أنك استطعت خداعى
قال بحب : ألم أقل لك أنك أفضل منى ,وأننى طفل كبير,نعم ,أنا طفل كبير
أمسكت الزهور وقربتها من وجهها , لكنها صرخت فجأه عندما نفثت الزهور مسحوق أبيض غمر وجهها ,فصرخت بغضب : ما هذا ؟ ماذا فعلت بى أيها ال...
ضحك قائلا : نياهاهاهاها.....
لا تثقى ابدا بطفل كبير
نياهاهاهاها
............................................................ .
الحلقة الثالثة عشر
( 13 )
فى المساء.............
كان على منثنيا أمام خزانة ملابسه وهو منهمك فى البحث عن شئ ما..فصاح مناديا: ساره..ساره .أين منامتى ذات اللون السماوى؟
جاءه صوتها قريبا : ماذا قلت؟
التفت نحو الباب ليعيد عليها السؤال ,لكنه توقف فجأه واعتدل
واقفا وهو يتأملها بدهشة كبيره ,ثم وضع يديه فى خاصرته بغيظ فقد كانت واقفه فى مدخل الباب ,مسنده كتفها الى الباب وعاقده ساعديها وهى تسأله ببساطه : هل وجدتها الآن؟؟
اقترب منها وهو يتأمل منامته وهى غارقه بداخلها وقال بغيظ : الله..الله..تتركين خزانة ملابسك مكدسة بالملابس ,وتغيرين على خزانة ملابسى !! ماذا يمكن أن أسمى هذا التصرف؟
هزت كتفيها وهى تقول : يمكنك أن تقول أننى مغرمه بذوقك فى اختيار الملابس والألوان
هز رأسه وقال مداعبا: حسنا..قد أنتقم يوما وأغير على خزانة ملابسك وأرتدى احدى عباءاتك
قالت بضحكه بطيئه : هأهأهأ..هل سترتديها فى اصبع قدمك؟
داعب انفها بأنامله وهو يقول : قلت لك من قبل لا أحد هنا غيرى يطلق الدعابات واعلمى انك قد تحتاجين لدروس مكثفه لإتقان الدعابات
اقترب منها ونظر فى عينيها وهو يقول : أعلم جيدا انك لا تلقين الدعابات الا عندما تكونين قلقه ,اعترفى بسرعه ..ما الذى يقلقك؟ ولماذا ترتدين ملابسى كلما شعرت بالقلق؟
تنهدت بعمق وقالت مباشرة وكأنما كانت تنتظره أن يسألها : لا أدرى ما سيفعلونه غدا عندما أعود الى المركز؟.لقد انتهت اجازتى ولابد أن أعود..أعتقد أنهم سيحشدون حشودهم ويعقدون اجتماعهم الإستثنائى,أقصد..صبرى ومارتن وسالم..لا أدرى ماذا سيكون قرارهم بشأنى؟
فكر قليلا ثم جذبها من يدها وأوقفها أمام المرآه الكبيره ووقف خلفها مباشرة وهويهمس فى أذنها : انظرى أمامك,واسألى نفسك ..هل فعلت شيئا خطأ؟
هزت رأسها بالنفى
قال : حسنا ..غدا عندما تجلسين أمامهم تذكرى جيدا انك لم ترتكبى أى خطأ,وهم لا يملكون الحق فى محاسبتك أو معاقبتك
مد ذراعه اليمنى أمامه ,وأخذ يحرك يده أمامها بطريقه مسرحيه وهو يقول : اذا ما اجتمعوا ضدك ,فانظرى اليهم جيدا وابتسمى فأنت فى مسرح الحياه ,أتذكرين أليس فى بلاد العجائب؟كانت تتصرف بعقل وشجاعه رغم أن كل ما حولها كان يدعو الى الجنون
شردت تماما مع كلماته التى بدأت تغزو عقلها وتشعرها بالأمان وعيناها مركزتان على يده اليمنى وهى تروح وتجئ أمامها
وفجأه.....وقعت عيناها على يده اليسرى..واتسعتا بدهشه وانقلبت ملامحها الى الغضب..فقد شاهدت اصبعيه السبابه والوسطى يبرزان مفتوحين من خلف رأسها كقرنين..فانتزعت يده اليسرى من فوق رأسها ووضعتها بين أسنانها ,وعضته بغيظ .فأخذ يصرخ بصخب شديد : آآآآآه..آآآآآه
واستطاع بصعوبه تخليص يده من بين أسنانها ,وانطلق يجرى خارج الحجره وهى خلفه تقذفه بكل ما تقع يدها عليه وهى تصرخ : سأريك أيها الماكر الخبيث..سأريك يا على
أخذ يضحك بمرح ويقفز فوق الأثاث كالأطفال وهو يتفادى كل ما تقذفه به ويتقيه بيديه ,ثم رفع سماعة الهاتف وصرخ بطريقه تمثيليه : ألو ..مستشفى الأمراض العقليه ..انقذونى ..احضروا حالا,فهاهنا السيده التى أكلت ذراع زوجها
وقفت متحفزه تنظر اليه بشراسه ,فألقى بسماعة الهاتف ووقف فى وضع المدافع مادا يديه أمامه وهو يقول بتوسل واستكانه : أرجوكى ...لن أفعلها ثانية ...أرجوكى..
وفجأه..... انهمر الضحك سيولا وفقدت تماما السيطرة عليه ,فسقطت على اقرب أريكه وانهمرت دموع عينيها من كثرة الضحك,وجلس على بجوارها يضحك أيضا وأحاط كتفها بذراعه بحنان
بعد قليل ..بدءا يعودان الى الهدوء..فقالت وهى تمسح دموعها التى سالت : حقا .اصدق تماما اننى تزوجت من طفل كبير
هتف بمرح : عجبا,ألا تحبين الأطفال؟
قالت بجديه : بالتأكيد , ولكن ليس فى الوقت الذى أحتاج فيه الى نصيحة صادقه
أخذ نفس عميق وقال بجديه : أنت قلقه مما سيفعله بك الثلاثى المرعب ,أليس كذلك؟
هزت رأسها بقلق
تنحنح قليلا ثم قال بهدوء : احم..حسنا,ماذا لو..تركت العمل؟ ..ماذا سيحدث وقتها؟
قالت باستنكار : أتريدنى ان اترك العمل الذى قضيت فيه ثلاث سنوات كامله وحققت فيه تلك المكانه ؟..مستحيل
قال متبسما : ولكنى اثق تماما انه يمكنك النجاح فى اى مكان آخر كما نجحت فى هذا المكان,أتعلمين لماذا؟..لأنك شخصيه ناجحه صنعت نجاحك بنفسك
صمتت قليلا تتأمله وتسترجع كلماته فى رأسها ثم قالت : ولكنى أحب عملى فى المركز ولا أريد أن أتركه
قال ببساطه : وهم كذلك لا يريدون ,هل تعتقدى ان بامكانهم أن يحصلوا على فتاه أخرى فى مثل خبرتك ومهارتك وذكائك؟
قالت بضيق : نعم, سيأتون بليلى حسن لتأخذ مكانى
التفتت اليه وقالت : ألن تحزن ان فقدت عملك الذى تحبه؟
تأملها بصمت ثم قال : بالتأكيد سأحزن وسأغضب ايضا ..فأنا بشر..ولكن بعد ان أهدأ سأقول لنفسى أنها ليست نهاية العالم وان الله اذا اغلق بابا للرزق يفتح بدلا منه ابوابا وان النجاح لا يقتصر على مكان واحد..أتعلمين ان تخصصك وثقافتك ولغتك وخبراتك يؤهلونك للعمل فى ارقى الوظائف وافضلها هنا فى مصر؟؟
قالت : أرجوك لا تفهم كلامى خطأ فالأمر لا يتعلق بالمكانه والمنصب بقدر ما يتعلق بحبى لطبيعة العمل نفسه وتمسكى به..ففى منصبى هذا أخدم قطاع عريض من المجتمع , لقد قام المركز بعمل مبادرات ومشروعات كثيره لخدمة الكثير من فئات المجتمع مثل مشروع رعاية الأم العائل الوحيد..مشروع مناهضة العنف ضد المرأه..مشروع تحسين الاحوال الماديه والثقافيه للمتطوعين فى الجيش وأسرهم وغيرها كثير..
التفت اليها على باهتمام كبير وعقد حاجبيه وقال بدهشه : وما علاقة المركز بالمتطوعين فى الجيش؟
قالت وقد ظهر الحماس على وجهها : ان مشروعات المركز قامت لخدمة الناس ومحاولة رفع المعاناه عنهم ..لقد قمت بدراسه شامله لأحوال الشباب الصغير الذى يتطوع فى الجيش .فوجدت ان اغلبهم يتطوع لأنه عاطل أو لإحتياجه الشديد للمال أو لأنه رب اسره ويريد مرتب يضمن له عيشة مستقره.وبعد ان قمنا بالدراسه .وضعناها امام المسؤلين ,كانت النتيجه انهم امروا بزيادة المرتبات للمجندين المتطوعين ومراعاة احوالهم الماديه وظروفهم الإجتماعيه ..لن تتخيل مدى سعادتى وقتها بذلك الإنجاز الكبير,لقد كانت فيهم حالات تمزق القلوب,لو رأيت السعاده والفرح فى وجوههم عندما علموا بقرار زيادة المرتبات ما كنت قلت ذلك
هز رأسه بصمت ثم قال بعد فتره : انت تحبين عملك ما المشكله اذا ؟
قالت بعد تردد : ماذا ..ماذا لو..لو..خيرونى بين استمرارى فى العمل ولبس الحجاب؟
اختفت ابتسامته تماما ومال وجهه الى التجهم وظل يتأملها بصمت ثقيل حتى قال أخيرا وبهدوء : الحقيقه اننى لا أدرى ما وجه التعارض بين طبيعة عملك والحجاب؟
ولكن دعينى اسألك,هل تتخلين عن حجابك وطاعتك لربك من أجل استمرارك فى العمل؟مهما بلغت اهمية ذلك العمل او مدى حبك له؟
هتفت بحماس : العمل ايضا عباده ,أليس كذلك؟كما اننى اخدم الكثير من الناس واساعدهم,أليس هذا هدف نبيل؟
ظل صامتا يتأملها واكتست ملامحه بمزيج غريب من الحزن والإحباط والضيق ,ثم قال بهدوء يحمل بين ثناياه لوم وعتاب كبير: ولكنك بهذا تكونى قد خالفت أحد الشروط الأساسيه للعقد الذى بيننا
قالت بدهشه : على, ان ما بيننا هو زواج وحياه وحب وليس مجرد عقد أو ورقه يوقعها كل منا أمام المأذون
سألها : أتعلمين ماذا نطلق على الزواج فى جماعتنا؟
نظرت اليه نظره لائمه
فقال مصححا : أقصد ماذا يسمى القرآن الزواج؟..يسميه ميثاق غليظ .أى عقد شديد الإرتباط.لا يجوز فسخه أو العبث بشروطه
وانت وافقت من البدايه على شروط العقد,أليس كذلك
قالت برجاء : على ,أرجوك ,لا تضع العقده فى المنشار,هل ستجبرنى أن أفعل شئ رغما عنى؟
ادار وجهه وعقد حاجبيه وظهر على وجهه خيبة الامل وهو يقول : لا يا عزيزتى,لا يمكننى اكراهك على فعل اى شئ,ولكنى فقط أذكرك,عندما وقعت عقد عملك كنت تعلمين ان هناك لائحه وشروط لهذا العمل لابد من احترامها وتنفيذها ,كما تعلمين انك لو خالفت اى من هذه اللائحه يحق لصاحب العمل فسخ العقد
الزواج ايضا عقد بين شريكين اذا خالف احدهما شروط العقد يحق للشريك الآخرالمطالبه بفسخ العقد
عقدت حاجبيها وظهر على وجهها أثر الصدمه وألقت اليه بنظره متألمه من قسوة كلماته
لكنه نهض من مكانه وهو يقول : الكره الآِن فى ملعبك ولك مطلق الحريه فى الإختيار ولك ان تستمرى فى عملك طالما ان هذا العمل لا يتعارض مع شروط زواجنا .أنا لا أجبرك على شئ, وكما وعدتك ان شعرت فى وقت من الأوقات بأنك لن تستطيعى تحملى أو تحمل طريقتى فى الحياه فسأعطيك حريتك بمجرد أن تطلبيها بلسانك
استدار مغادرا الى غرفته وأغلق بابها خلفه وزفر بضيق شديد ثم وقف أمام النافذه شاردا حتى شعر بأناملها تطرق كتفه وبصوتها الرقيق يصافح أذنه وهى تقول : اطمئن, أنا أيضا أحب أن أفى بوعدى ولن أخالف شروط الميثاق الذى بيننا .سأظل محتفظه بحجابى على الرغم من أنوفهم جميعا
التفت اليها بكل جوارحه فوجدها تبتسم له فبادلها الإبتسام وقد بدا يظهر فى عينيه شئ من الراحه والهدوء
فقال بحنان كبير : وماذا ..وماذا ...عن الصلاه ؟هل نعتبرها من شروط العقد؟
أطرقت برأسها قليلا ثم نظرت اليه وقالت بتوسل : الا ترى انك تتعجل الأمور كثيرا؟
اختفت ابتسامته وحل الحزن مكانها ولاح فى عينيه التأثر وأدار وجهه الى النافذه وهو يقول : ربما , ولكنى أخشى أن يسبقنى من هو أكثر عجلة منى
قالت بتساؤل : من؟
نظر اليها ثم قال بعد صمت : الموت
ارتجف قلبها بشده ولم تستطع أن تتكلم
لأول مره تشعر ساره بالتردد وهى تصعد الدرجات القليله لمدخل المركز وبمجرد ان عبرت الباب الرئيسى حتى أخذت نفس عميق ورفعت رأسها وارتدت ثوب الشجاعه لتخفى خلف خطواتها الواثقه قلبا يمتلئ بالقلق والتوتر عندما شعرت ان كل العيون تلاحقها دهشة وعجبا وكأنها كائن غريب هبط من الفضاء
حاولت قدر ما تستطيع السيطرة على قلقها وهى تلقى التحيه وتبتسم لكل من تقابله وهى فى طريقها الى مكتبها
وأخيرا وصلت الى مكتبها فدخلت واغلقت بابه وكأنها تحتمى خلفه من نظرات العجب والإستهجان
جلست الى مكتبها وبدأت تمارس عملها حتى حانت اللحظه التى كانت ترتقبها, وقام الدكتور صبرى باستدعائها الى مكتبه,
اتجهت مباشرة وبخطوات سريعه الى مكتب الدكتور صبرى حتى وصلت الى مكتب السكرتيره فحيتها قائله : هاى ماجى..افتقدتك كثيرا ..
عدلت ماجى من نظارتها وهى تتأمل ساره بدهشة كبيره فتجاهلت ساره نظراتها وتجاوزتها مباشرة الى مكتب الدكتور صبرى. وبمجرد ان أغلقت الباب خلفها رفعت ماجى سماعة الهاتف وطلبت رقما ثم قالت باهتمام : لقد وصلت للتو..المفاجأه أكبر مما كنت أتوقع..لم أصدق الا عندما رأيتها بعينى
هتف الدكتور صبرى بغضب شديد : لا ..لايمكن ان اتقبل هذا الأمر
أدارت ساره عينيها تتأمل لجنة التحقيق المكونه من أكبر ثلاثة رؤوس فى المركز ..صبرى ومارتن وسالم
كان الثلاثه يجلسون الى منضدة الإجتماعات متجاورين ..وساره تجلس وحدها فى الجهه المقابله لهم
قالت بهدوء وهى تحاول رسم الثقه والثبات فوق ملامحها : لا أدرى ما الذى يغضبكم هكذا؟ أهو زواجى ام مظهرى الجديد
دكتور صبرى بانفعال : الإثنين ..لماذا لم تخبرينى قبل ان تقدمى على تلك التصرفات؟
قالت ببرود : أظن أن الأمر شخصى تماما ولا دخل للمركز فيه
هتف دكتور صبرى بغضب : شخصى !! أتتغيبين كل هذه المده عن عملك وتعودين بذلك المنظر الغريب وتقولين شخصى؟
قالت بهدوء وهى تحاول بقوه السيطره على انفعالها : لقد كنت فى اجازه وانت بنفسك سمحت لى بها
أما ما ألبسه فهو شئ يخصنى وحدى طالما انه لا يعوقنى عن القيام بعملى..وطالما اننى اقوم بعملى على اكمل وجه فلا يحق لكم التدخل فى حياتى الشخصيه
كانت الثقه تقطر من كلماتها الا انها من داخلها كانت فى قمة التوتر
قال الدكتور سالم : فى نظرى انك ارتكبت خطأين .....
بدأت ساره تهز ساقها اسفل المنضده بتوتر وهى تستمع اليه محاوله التماسك والسيطرة على اعصابها حتى شعرت باهتزاز المحمول الذى تضعه فى جيبها ينذرها بتلقى رساله ,فمدت يدها فى جيب العباءه ونظراتها مركزه على الثلاثه الذين أمامها وسالم وهو يلقى محاضرته التى شردعقلها عنها وهى تمسك بالمحمول أسفل المنضده وتفتح الرساله
خفضت عينيها لتنظر الى المحمول وتتأمل الرساله فوجدت امامها صوره متحركه كرتونيه لثلاث شخصيات مضحكه تتقافز بطريقه غريبه وتقوم بحركات بهلوانيه ذكرتها على الفور بكلمات على أمس وهو يقول لها ..كونى شجاعه مثل أليس فى بلاد العجائب
رفعت عينيها وتأملت سالم ومارتن وصبرى ثم عادت تتأمل الرساله فهربت من بين شفتيها ابتسامه كادت ان تفلت ضاحكه لولا أنها أمسكت أسنانها جيدا..مطت شفتاها ولمعت عيناها بقوه وأغلقت الرساله وأعادت هاتفها الى مكانه وعادت تستمع الى آخر كلمات من محاضرة اللوم والعتاب التى يلقيها سالم : أظن أننا قد أوضحنا رأينا ..وأننا لن نقبل ابدا بتلك التصرفات هنا..والآن ,ما رأيك فيما سمعتيه؟
تأملت الثلاثه بصمت فقفزت الى رأسها الصوره الكرتونيه من جديد فحاولت جاهده السيطرة على رغبتها العارمه فى الضحك.. فسعلت قليلا ثم تنحنحت وقالت : أعتقد أن..احم..أعتقد أن هذا الأمر..احم..
كانت تحاول باستماته كتمان ضحكها الذى يوشك على الإنفجار, فتنحنحت مجددا وقالت : أعتقد أن الأمر كله مجرد..مجرد..
اندفعت الصوره الكرتونيه مرة أخرى الى رأسها ففقدت تماما السيطرة على الضحك وهى تكمل : مجرد...مجرد..مسرحيه هزليه هاهاهاهاها
أخذت تضحك بشده وهى تقول : هاهاهاها انها نكته..محض نكته..هاهاهاهاها
لم يستطع الثلاثه النطق من شدة الذهول الذى اعتراهم وهم ينظرون اليها متعجبين من تصرفاتها الغريبه
قالت من بين ضحكاتها : انظروا الى أنفسكم ..هاهاها..أنتم تجتمعون هنا من أجل ماذا؟ هاهاها.
غطت وجهها بيديها وهى تضحك بشده وتقول : يا لها من مسرحيه هزلية
بدأت تهدأ قليلا ,فأخذت نفس عميق ونظرت الى الثلاثه المشدوهين ونهضت واقفه وقالت بثقه وبابتسامة كبيره : والآن أيها الساده..أنا مقتنعه تماما أننى لم أرتكب اى خطأ يمكن ان تحاسبونى عليه ..وكل ما تتحدثون عنه هو من صميم حريتى الشخصيه ولا دخل لكم بها...فافعلوا ما تريدون..ولحين صدور قراركم بشأنى فأنا فى مكتبى أمارس عملى
تأملتهم مليا وشعرت ان الضحك سيعاودها من جديد فقالت بتهكم قاتل وهى تبدل نظراتها بي